شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري

نعتقد أن الإنسان دمث الخلق وذا الطبيعة الكريمة ومن يُظهر التعاطف والرفق والتفهم تجاه الآخرين هو بالفعل فرد مستقل وشجاع وذكي. من يُراعي مشاعر الآخرين عن طريق التعامل معهم بلُطف وإحسان نجح فعلاً لا قولاً في السيطرة على الأحاسيس الإنسانية الفطرية وجيرها بشكل اخاذ من أجل تحقيق مصلحته الشخصية والآخرين عن طريق تحقيق الانسجام والتوافق الاجتماعي مع من يتشارك معهم.
هو-دمث الخلق- ذكي وفطين كذلك لأنه أدرك مبكرا ًأن أساس التواصل الإنساني البناء لابد له أن يستند الى الاحترام المتبادل, وليس العكس.
تكمن الشجاعة في ممارسة دماثة الخلق والإحسان في الحياة اليومية في مقدرة الفرد العادي تجاوز كثير من المصاعب ورغم ذلك نجاحه في الحفاظ على كرامته الشخصية وكرامة الآخرين: تتجلى شجاعة دمث الخلق في قدرته التغلب على تحدياته اليومية وإصراره أن يبقى إنساناً كريماً ومتكاملاً من الناحية الأخلاقية. هو أي دمث الخلق باسل ومقدام بكل ما تحمله هذه الكلمات من معانى: بسالته تتركز في عدم فتنته ووقوعه ضحية لضيق الأفق وإقدامه يُظهره تحمله كل أنواع المغريات التي ربما تدفع بالبعض الى التحامل ضد من يختلفون عنهم (فقط لأنهم لا يبدو يمتلكون وقتاً إضافياً للتعامل الإنساني الراقي!) حسن الخلق يظهر جرأته خلال معيشته اليومية في أنه ورغم كل المنغصات وكل أنواع الصدمات التي يواجهها يستمر يؤمن بأهمية "آداب السلوك" من أجل تحقق مجتمع منسجم مع نفسه ومع أعضائه.
أما كون دمث الخلق ذكياً وأكثر فطنة من الآخرين فهو أمر واضح: من يرغب في عيش حياة يومية ناجحة ومثمرة عليه أن يمارس أدواراً اجتماعية ايجابية وفعالة تساعد على تقوية أواصر العلاقات الإنسانية الحميدة. الذكاء في هذا السياق يأخذ شكل الذكاء الاجتماعي والذي يتركز في عثور الفرد على ذلك التناغم الأخلاقي النادر حين تصبح النفس البشرية جزءاً فاعلاً وناجحاً في نطاقها الاجتماعي الخاص والعام.
لا يجب إطلاقاً على "دمث الخلق" أن يَحِس بالضعف أو الهوان أو قلة الحيلة: فبالنسبة الى العقلاء والحكماء واستناداً الى التجارب الإنسانية الماضية: دمث الخلق وحسن الطباع وذو السجية الكريمة هو نواة الحضارة الإنسانية وجوهرها وبريقها الذي لا يخفت!

بقلم : د. خالد الجنفاوي