جَوْلَةٌ فِي أكْنَافِ المُجْتَمَع
(( فانتبهوا – يا أيها القرَّاء – لما تنظرون فيه من كُتُبٍ ومجلات ، وما تسمعونَه من إذاعاتٍ ومحَاضرات ، وما تشاهدونه من مُسلسلاتٍ ومَسرحيَّات ، ولا تظنوا أن أثر ذلك يذهبُ مع إكمال الكتَاب ، أو انتهاءِ المحاضَرة ، أو إسدال السَّتار على المسرحية ، بلْ إنَّ بعضَه يبقى ما بقيتِ الحَيَاة )) . عَقِبَ هذه الكَلمَاتِ المُطرَّزةِ بالذَّهَب ، والمَطلِيَّةِ باللُّجَين ، المَشُوبَة بالتَّجربَةِ والحِكْمَة ، توقفتُ - مُجبراً - عن إكمَال قِراءَة كِتَابِ : ( ذِكْرَيَاتِ عَلِي الطَّنطَاوِي ) - رحِمهُ اللهُ - ، ولم أسْتأنِفْ حتَّى أكملتُ ما بينَ أيديكُم مِن السُّطور .. إنِّي لأرَى أثَرَ كَلامِه عَلى الوَاقِع ، رَأيَ العَين ورأيَ القلْب .. أوَلا ينظر المبصر ذلك جلياً ظاهراً ؟! ألا تنظرون مَعِي – أيُّها الأفاضِل - إلى ذلك الطِّفل الرضيع ، الذي يُردِّدُ كلمَاتِ تِلك الأغنيةِ الهَابطة المَاجِنَة ، التي نزلتْ بالذُّوق العامِّ إلى الحَضِيض ، وهبَطَتْ بالأخلاق والآدابِ إلى الدَّركِ الأسفلِ مِنَ الانحَطَاط ، وقد حفظَ تلكَ الأغنية عَن ظهْر قَلْبٍ ، بَدَل حفظ (الشَّهادَتين) ! . أوَلا تنظرُون وتَسمعُونَ تلك الطِّفلة الرضيعَة ، التي تُردِّدُ بإتقانٍ كَلمَاتِ الأنشُودَةِ التي تصدَحُ وتترنَّح بها بالعشي والإبكَار ، وقبلَ طُلوع الشَّمسِ وقبلَ غُروبِهَا ، وبلا هَوَادَة أو فُتُور ، قناةُ طُيور اللَّجَّة ! عفوا أقصِد الجَنَّة ، بدل حفظ سُورةِ ( الفاتحة ) ! . ويَنشَأُ نَاشئُ الفِتيَانِ فِينَا *** عَـلَـى مَـا كـانَ عَـوَّدَهُ أبُـوهُ أوَلا تنظرون معي إلى ذلك الغُلامِ اليَافِع ، الذي لا نَسْطِيعُ أن نفرِّقَ بينه وبين أختِهِ إلا إذا أمْعَنَّا النظر ، وحدَّقنا البصرَ ، وحَمْلَقنَا العُيون ! (1) ثم انظروا في الناحية الأخرى.. ثَمَّةَ شي يتميَّح ويتبختَر ويتعصَّر ! – سُبحَانَ الخالق - ! هَاتِيك فتاةٌ قد حرَّفت نفسَها ، وفبْرَكت صُورتَهَا إلى رَجُل ..! (( إنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ القَالِيْن )) تَـسَاوَوا فـهَـذا بينهُمْ مِثل هذهِ *** وسيَانَ معنىً يافعٌ وكَعابُ (2) ومَا عَجَبي أنَّ النِّسَاءَ تَرَجّلتْ *** ولكنَّ تأنيثَ الرجالِ عُجَابُ !! سأنتقلُ بكم إلى مكانٍ آخرَ .. وأسْلُكُ بكم هذا الطريقَ (الرُّومنسي) ! . انظروا إلى تلك الفتاةِ المنتقِبة ، وقد تجمَّلتْ واستعدَّتْ وبرَأيهَا استبدَّت ، ورائحة عطرها الفوَّاح قد شقت أنُوفَ العَاشقين المُدْنَفين من النَّوكى ، حتى افتتن بها ذلك الرجل الأحمق ، وجرى خلفها ، وأوْغَلَ في إثرهَا ، و(مِرْزام) شِمَاغه قد غُرِّقَ ( بالنشا ) تغريقاً ، حتى أصبحَ كأنَّه ذُو الفَقَار ! ( سيف علي بن أبي طالب ) ، فلو وقعَ عليه ذُبَابٌ جديرٌ به أن ينفصلَ إلى نِصفَين !! . ليتَ النقابَ على النِّسَاءِ مُحرَّمٌ *** كَـي لا تغـُرَّ قـبيحةٌ إنْـسَانَـا ! وانظروا إلى ذلكم الشَّابِّ حديثِ السِّنِّ ، سفيهِ الحِلْم ، قد أطلق عِنَان لسانِه على ذلك الرجل ، وكأن لسانَه - كما قال المنفلوطي - جَوادُ امرئ القيس : مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبلٍ مُدبرٍ مَعاً ! وبدأ يرمي بشَرَرٍ كالقَصْر ! وكفَّره وكفَّرَ مَعَهُ أمَّة مُحَمَّد ! و أمر الجميع بالتكفير والتفجير ! . لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله ! (( المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِه ، والمُهَاجرُ مَن هَجَرَ ما نهَى اللهُ عَنْه )) . صحيح البخاري . والآن سأنتقل بكم إلى هذه الناحية .. ألا ترون إلى ذلك المذّبْذَب ، الذي اتبع هواه واتَّبعَ امرأتَه - ولن أقول زوجته فالفرق في القران شَاسِع بينَ اللفظين - وهي كاسيةٌ عَارية ..! وهو لا غِيرة عنده ولا عقل ، ولا قوامة له ولا قيمة ..! (( والذينَ هُم لأمَانَاتِهِم وعَهْدِهِم رَاعُون )) . قَدْ ضَلَّ مَن كَانتِ العُميَانُ تَهدِيهِ !! وانظروا واسمَعُوا إلى ذلك الشَّابِّ الذي حَاجَّ والدَه في الطَّاعَة والإحْسَان .. رافعاً عقيرتَه عليه ، ويَسْلقه بلسَان حادٍّ ، ويَرعُد ويُزبِد ، ويتضجَّر ويزَمجِرُ على والده كالأسَد ، وهو عند أصحابه ( أذلَّ مِن الحِمَار المُقَيَّد ) ! . أولم يقلِ اللهُ : (( فَلا تقلْ لَهُمَا أفٍّ ولا تنْهَرهُمَا )) ؟! وانظروا إلى تلكَ المَرأةِ الحَمْقَاء ، التي افتُتِنتْ بمسلسلات ( الكِذْبِ والحُبِّ المَزعُوم ) ! ، الخادشة للحَيَاء ، التي تنفِرُ منها الفِطرَةُ السَّليمةُ ، وتفِرُّ فرارَ العِقبان مِنَ الجِيَف ! فقد هشَّمتْ حَيَاءَها ، وهدَّمت بيتَهَا ونفسَها ، بنظرها إليها نظرَ المغشيِّ عليهِ من المَوت ! فأولَى لَهَا ! . حقاً إنَّهَا ( أطيشُ مِنْ فَرَاشَة ) ! ( 3 ) ثم انظرُوا لِصَاحِب ( الفِكْر التَّغريْبِي ) ، الذي اتقَاهُ العُقلاء لِجَهلِهِ ، ولِسُوءِ أدَبِه .. ( إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَن اتَّقَاهُ النَّاسُ لِشَرِّهِ ..) فقد نَسَفَ قولَ الحقِّ ، وقولَ الرسُول ، عليه الصلاةُ والسَّلام ، وإجماع علماءِ الأمَّة ، وصنَّفَ نفسَه أفضلَ منهُم ، وأجلَّ وأشرفَ وأعلَم ! وبدأ يُقارعُ المَشَائِخَ وأهلَ الذِّكر ، ويَخبِطُ في الدِّين خبطَ النَّاقةِ العَشْوَاء في البَيْدَاء ! ((وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدَىً مِنَ الله )) وانظروا إلى ذلك الصَّفيق ، الذي لا يتوَرَّعُ ولا يتثبَّتُ ، و بلا رَادِعٍ ولا وَازعٍ ، يَلْفِظُ بقولٍ يُسَمِّيهِ الشَّرعُ إلحَاداً ! ولا من مُعَاقِبٍ لِكَي يَرتَدِعَ ويَنزَجِر .. آهٍ يا دِرَّة (4) عُمَر ! لله دَرُّكَ ، ودَرُّ دِرَّتِكَ ! . أتَدْرُونَ مَا أسْبَابُ هَذَا كُلِّه ؟ ارجِعُوا إلى السُّطُور الأولَى ، المُقتَضَبَةِ في الأعْلَى .. ( وإنِّي عَلى عِلم ودِرَايةٍ ، وعَلَى يقينٍ تامٍّ ، بأنَّ في المُجتمَعِ وجْهاً آخرَ ، لا تزالُ طائفةٌ منهم قَائمةً بأمرِ اللهِ ، لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم ، و لا مَن خَالَفَهُم ، حتَّى يأتىَ أمرُ الله ..) . رحمَ اللهُ شيخَنَا ( الطَّنطَاويَّ ) رحمةً واسِعَةً ، ونوَّرَ اللهُ ضَريْحَه ، وأنزلَه مَنَازلَ الأنبيَاء .. أمَّا الآن - أيُّها الأحِبَّة - فقد وضعَ المقالُ أوزَارَهُ ، وانتهَى بِنَا التِّجوَالُ والمَطاف ، واعذروني إنْ أخذتُ بكم جولةً على مَا يخدِشُ الحَيَاءَ ، وتنفِرُ منه الفِطَر .. فَلا بَأس ؛ فقدْ شَاهَدَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ، أبشعَ مِنْ ذلكَ ، بعدَ رحْلَةِ الإسراء ، على ظَهْر البُرَاق ، حِينمَا عُرِجَ بِهِ إلى السَّمَاء ، في جَولَةِ جبريلَ عليه السَّلام .. وَمَا أنا كجبريلَ ، وما أنتُم كمُحَمَّدٍ ، ومَا قََلَمِي كَالبُرَاق ! . شَتَّانَ مَا بينَ الجَولَتَيْن !! . (1) حَملق : حَمْلَقَ الرجلُ : فتحَ عينيه ، ونظر نظراً شديداً . (2) كَعَاب : بفتح الكاف ، الكَاعِب : الجارية حين يبدو ثديها للنهود ، وجمع كاعِب : كَوَاعِب ، (( وكَوَاعِبَ أترَابَا )) ، وكِعَابٌ ، عن ثعلب . (3) ( أطيشُ من فَرَاشَة ) : مَثَلٌ من الأمثال ؛ لأنَّ الفراشَة تلقِي نفسَهَا في النَّار. (4) الدِّرَّة : سَوطٌ للتَّهْذِيب . اشتُهِرَ بها الفَارُوقُ ، رضيَ اللهُ عنه . |
الغالي
الاديب والشاعر خواطر متناثره الله انه يسعدك ويوفقك بجميع اوقاتك بكل خير اسعدني ان اكون اول المصافحين لنصك المميز الملئي بما هو مفيد دينا وتربية حسنة فكل كلمة من نصك واستشهاد لك بداخل النص تنم عن معنى ينساب الى القلب الواعي والفطين بما ينفع ويقرب الى الله سبحانه وتعالى فشكرا لله اللذي وهب لنا استاذ ومعلم فكلنا نفخر بك وبنصوصك وما تقدمه سلمت اناملك وبارك الله فيك والله يعطيك العافيه تقبل تحياتي |
إذا كان رب البيت بالدف مولعا * فشيمة أهل البيت كلهم الرقص ومثلُ مايزرعون يحصدون .. توقّفت بكل كنف ونفسي تردّد بتعجّبٍ أليم - لابأس - هُناك نقيضٌ لهذه الجهة المُظلمة ! .. ورجوت الله أن لا يجعل للميل علينا سبيلا ، ويهدينا إلى سواءِ السبيل والرشاد الأديب المتألق / خواطر متناثرة .. بلاغتك لاتُمل ولا تكل .. طاب عيشك وطابت حياتك بمن فيها . |
رحمَ اللهُ شيخَنَا ( الطَّنطَاويَّ ) رحمةً واسِعَةً ، ونوَّرَ اللهُ ضَريْحَه ، وأنزلَه مَنَازلَ الأنبيَاء /اللهم آمين
خواطرمتناثره ماذكرته في تزايد والاسباب واضحة ومتعدده اللهم ارحم عبادك والطف بهم واهدِ ساذجهم وارفع قدرعاقلهم خواطرمتناثره غيرة دينية ثم وطنية يجب ان تنبع من داخلنا كي نعدل من بعض الامور لك كل الشكروالتقدير |
خواطر متناثره
اولا جزاك الله كل خير على المتصفح الطيب واتمنى من الله العلي القدير بان يثبتنا واياكم على طاعته ومخافته جزاك الله خير الدارين |
سيدي ومديري الكاتب الراائع بغيرته على دينه ومجتمعه
جعلت من خواطرك المتناثره منبراا لضمير العاقل المحب لدينه ووطنه نداء غافل ليصحو .. ومسلم أن عد إالى ربك .. ورب أسره أن انتبه لغزو بيتك من الداخل كعادتك سيدي تأسرنا بجمال طرحك وليس بجديد عليك هذا الحضور المختلف جعله الله في ميزان حسناتك ارق التحايا لقلبك الغيور |
اقتباس:
الأستاذ الفاضل ، والشاعر الفذ : سفير المعاني أهلا ومرحباً بك ، ترحيباً لا يليق إلا بك وبأمثالك .. علوت كالبدر ، فانتشر النور في أرجاء المتصفح .. أفتخر بما يسطره قلمك من معاني غرَّاء ، فلا غرو ، فأنت أنت سفيرُها ! لك من الشكر أجزله ، ومن الود أوفره .. تحياتي لشخصك الكريم ... . |
اقتباس:
ما أطيبَ تعليقكِ ! يسرني أن يكون لك بصمات من لؤلؤ الكلم ، في صفحاتي المتواضعة .. الشاعرة المتألقة : جمرة العرب بارك الله فيك ، ورضي عنك ، ورفع قدرك ... . تحياتي ... . |
اقتباس:
دائماً ما يكون في ردودك جمالاً في المعنى ، يستهوي كل مبصر ، ويشرف كل صاحب موضوع .. شاعرنا : خلف بارك الله فيك ، وجزاك الله خيراً ... تحياتي ... . |
اقتباس:
الأخت المراقبة الغالية : عبير الروح وجزاك مولاكِ كل خير .. آمين ، بارك الله فيك .. لك كلُّ الشكر والامتنان ، على هذه الدعوات الطيبة المباركة .. تحياتي ... . |
الساعة الآن 11:15PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية