أبو نُواس ورفقاؤه
لا تهمنا تفاصيل القصة .. قدْر ما يهمنا عذوبةُ الشعر، ولذَّةُ حلاوتِه ، وبهاءُ ورونقُ طلاوتِه ، وموهبةُ الشعراءِ الجهابذة ، في سُرعة البَدْع ، مع حُسن سَبْكٍ ، وإتقانِ حَبْك .. كان أبو نواس ، وأبو العتاهية ، ودعبل الخُزاعي - وهم من كِبار شعراء صَدْر العصر العباسي - ، في رحلةٍ .. وفجأة ! مرَّت من أمامهم ثلاثُ فتيات ، تلبسُ كلُّ واحدةٍ منهنَّ ثوباً بلون مختلفٍ عن الأخرى .. إحداهنَّ تلبسُ الأبيضَ ، والثانية الأحمرَ ، والأخيرة الأسودَ .. فقال أبو العتاهية في ذاتِ الثوبِ الأبيض : تَبَدَّى في ثيَابٍ من بَيَـاضِ *** بأجْفَـانٍ وألحَـاظٍ مِـرَاضِ فقلتُ لهُ عَبَرْتَ ولـمْ تُسَلِّـمْ *** وإنِّي مِنـكَ بالتَّسليـمِ رَاضِ تبارَكَ مَنْ كَسَا خدَّيـكَ وَرْداً *** وقدَّك مثل أغصَانِ الرِّياضِ فقالَ نعمْ كَسَاني اللهُ حُسْنـاً *** ويخلُقُ مَا يشَاءُ بِلا اعْتَرَاضِ فثَوْبِي مثلُ ثغْري مِثلُ نَحْرِي *** بَيَاضٌ فِي بَيَاضٍ في بَيَاضِ ! وقالَ أبو نُواس في ذاتِ الثوبِ الأحمَر : تبدَّى في قَمِيصِ اللازِ (1) يَسْعَى *** عَذُوْلِـي لا يلقَّـبُ بالحَبيـبِ فقلتُ مِنَ التعجُّبِ كيفَ هَـذَا *** لقدْ أقبلتَ فـي زيٍّ عَجيـبِ ! أحُمْرَةُ وجنتَيكَ كَسَتْـكَ هَـذَا *** أمَ انْتَ صَبَغْتَهُ بِـدَمِ القُلُـوبِ ؟! فقالَ الشَّمسُ أهدَتْ لِي قَمِيصاً *** قَريبَ اللونِ مِنْ شَفَقِ الغُرُوبِ فثوبي والمُدَامُ ولَـونُ خَـدِّي *** قَريْبٌ مِنْ قَريبٍ مِنْ قَريـبِ ! وقال دعبل الخزاعي في ذات الثوب الأسْوَد : تبدَّى في السَّوادِ فقلتُ بـدراً *** تجلَّى في الظلامِ على العِبـادِ فقلتُ لهُ:عبرتَ ولـمْ تُسلِّـمْ *** وأشْمَتَّ الحَسُودَ معَ الأعَادي تباركَ من كَسَا خدَّيـكَ ورداً *** مَدَى الأيـَّامِ دامَ بِـلا نفـادِ فقالَ : نَعَمْ كَسَاني اللهُ حُسنـاً *** ويخلُقُ مَا يشَاءُ بِـلا عِنـادِ فثوبُكَ مثلُ شَعركَ مثلُ حظِّي *** سَوادٌ في سوادٍ فـي سَـوادِ ! حسب رأيِ القاريءِ الكَريم .. من أفضلُ الثلاثةِ وصْفاً ، ودقةً في الغزل ؟ أم أنَّ جميعَهُم قد تربَّعُوا على قِمَّةِ الإبداعِ الشِّعري ، واستَوَوا على ذِرْوة جَمَال الوصْف ؟ أمَّا أنا ، فلن أدخلَ ( بيتَ أبي سفيانَ ) هذه المرَّة ! ، ولكني سأترجَّلُ عن قلمي ، وأخرُج ، وأمشي في مناكِب الأرض ، حتى أقِفَ على طَلَل الشِّعر والشُّعراءِ باكياً ..! تحيَّاتي ... . (1) اللاز : اللون اللازِوَرْدِي |
اقتباس:
طالما أشركتنا في تذوّق شعر هؤلاء الشعراء .. فإني أرى أنّ أفضلهم هو أبونواس لأن الشاعر الأول وصف لحاظ المرأه بالمرض ((ألحاظٍ مراض)) والشاعر الأخير أورد بعض العبارات التي تتنافى مع وصف الغزل لقوله ((سوادٌ في سوادٍ في سوادِ)) وهي وجهة نظر .. سمحت لي أيها الأديب بطرحها خواطر متناثرة : لك خالص التقدير . |
[QUOTE=خواطر متناثرة;361112][size="5"][color="black"]
لا تهمنا تفاصيل القصة .. قدْر ما يهمنا عذوبةُ الشعر، ولذَّةُ حلاوتِه ، وبهاءُ ورونقُ طلاوتِه ، وموهبةُ الشعراءِ الجهابذة ، في سُرعة البَدْع ، مع حُسن سَبْكٍ ، وإتقانِ حَبْك .. كان أبو نواس ، وأبو العتاهية ، ودعبل الخُزاعي - وهم من كِبار شعراء صَدْر العصر العباسي - ، في رحلةٍ .. وفجأة ! مرَّت من أمامهم ثلاثُ فتيات ، تلبسُ كلُّ واحدةٍ منهنَّ ثوباً بلون مختلفٍ عن الأخرى .. إحداهنَّ تلبسُ الأبيضَ ، والثانية الأحمرَ ، والأخيرة الأسودَ .. فقال أبو العتاهية في ذاتِ الثوبِ الأبيض : تَبَدَّى في ثيَابٍ من بَيَـاضِ *** بأجْفَـانٍ وألحَـاظٍ مِـرَاضِ فقلتُ لهُ عَبَرْتَ ولـمْ تُسَلِّـمْ *** وإنِّي مِنـكَ بالتَّسليـمِ رَاضِ تبارَكَ مَنْ كَسَا خدَّيـكَ وَرْداً *** وقدَّك مثل أغصَانِ الرِّياضِ فقالَ نعمْ كَسَاني اللهُ حُسْنـاً *** ويخلُقُ مَا يشَاءُ بِلا اعْتَرَاضِ فثَوْبِي مثلُ ثغْري مِثلُ نَحْرِي *** بَيَاضٌ فِي بَيَاضٍ في بَيَاضِ ! وقالَ أبو نُواس في ذاتِ الثوبِ الأحمَر : تبدَّى في قَمِيصِ اللازِ (1) يَسْعَى *** عَذُوْلِـي لا يلقَّـبُ بالحَبيـبِ فقلتُ مِنَ التعجُّبِ كيفَ هَـذَا *** لقدْ أقبلتَ فـي زيٍّ عَجيـبِ ! أحُمْرَةُ وجنتَيكَ كَسَتْـكَ هَـذَا *** أمَ انْتَ صَبَغْتَهُ بِـدَمِ القُلُـوبِ ؟! فقالَ الشَّمسُ أهدَتْ لِي قَمِيصاً *** قَريبَ اللونِ مِنْ شَفَقِ الغُرُوبِ فثوبي والمُدَامُ ولَـونُ خَـدِّي *** قَريْبٌ مِنْ قَريبٍ مِنْ قَريـبِ ! وقال دعبل الخزاعي في ذات الثوب الأسْوَد : تبدَّى في السَّوادِ فقلتُ بـدراً *** تجلَّى في الظلامِ على العِبـادِ فقلتُ لهُ:عبرتَ ولـمْ تُسلِّـمْ *** وأشْمَتَّ الحَسُودَ معَ الأعَادي تباركَ من كَسَا خدَّيـكَ ورداً *** مَدَى الأيـَّامِ دامَ بِـلا نفـادِ فقالَ : نَعَمْ كَسَاني اللهُ حُسنـاً *** ويخلُقُ مَا يشَاءُ بِـلا عِنـادِ فثوبُكَ مثلُ شَعركَ مثلُ حظِّي *** سَوادٌ في سوادٍ فـي سَـوادِ ! حسب رأيِ القاريءِ الكَريم .. من أفضلُ الثلاثةِ وصْفاً ، ودقةً في الغزل ؟ أم أنَّ جميعَهُم قد تربَّعُوا على قِمَّةِ الإبداعِ الشِّعري ، واستَوَوا على ذِرْوة جَمَال الوصْف ؟ أمَّا أنا ، فلن أدخلَ ( بيتَ أبي سفيانَ ) هذه المرَّة ! ، ولكني سأترجَّلُ عن قلمي ، وأخرُج ، وأمشي في مناكِب الأرض ، حتى أقِفَ على طَلَل الشِّعر والشُّعراءِ باكياً ..! تحيَّاتي ... . [size="4"](1) اللاز : اللون اللازِوَرْدِي
لقدأهديت للأعضاءِعقداً=لأمهرِمن يصوغُ بلاجدالِ فكيفَ لنانُميّزُوهويبدو=جمالٌ في جمالٍ في جمال |
اقتباس:
مراقبتنا وشاعرتنا : جمرة العرب تشرفت بتعليقك الكريم ؛ فوجودك إثراء وإضفاء .. أزكى تحية ... . |
[quote=الغواص;361118]
اقتباس:
كَوَاكِبُ هَامَةِ الجَوْزَا تَبَدَّتْ = فَأَسْنَتْ لِلْوَرَى فَلَكَ الفَضَاءِ تَلَتْهَا بُلْجَةُ الشِّعْرَى العَبُورِ= فَأَعْرَى ضَوْؤُهَا أُفُقَ السَّمَاءِ فشِعْرُك مِثلُ نَثرِكَ مثلُ شِعْرَى(1) = ضِيَاءٌ فِي ضِيَاءٍ فِي ضِيَاءِ ! (1) الشِّعْرَى : كَوكبٌ نيِّرٌ يطلعُ بعدَ الجَوْزَاءِ . قال تعالى : (( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى)) . |
خواطرمتناثره
انتقيت من الجمال اجمله واني لاتفق مع جمرة العرب على اكتمال جمال ابيات ابي نواس وكلهم شعراء ابدعوا ولكلٍ وجهة نظر وذائقة خاصة به هنا نشكرك على ماتطرحه من مواضيع سواء ادبيه او حوارية للنقاش وماتسكبه لنا هنا من الشعرلك وماتنقله خواطرمتناثره /تقبل مروري وتقديري لشخصك الكريم |
الشاعر والأديب الأريب خواطر متناثرة لك كل الشكر والتقدير على ماقدمت لنا من شعر جميل وشعراء عمالقة وانا كعادتي في مثل هذه المواقف المحيرة سأدخل دار ابي سفيان واقفل على نفسي بالضبة والمفتاح . دمت بحفظ الرحمن |
اقتباس:
وجهة نظر من شاعر ناضج العقل .. والشكر لك على حضورك ، ولطيف سطورك .. شاعرنا الفذ : خلف العاطفي لحروفك جمال ، ولحضورك اكتمال .. بورك فيك .. تحياتي ... . |
اقتباس:
إذن فلكَ الأمان .. شاكراً ومقدراً لك كلماتك الطيبة العبقة .. تحياتي ... . |
الساعة الآن 10:57AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية