أيحق لي ...!! " مقال عبد الله العبيد "
هات قداحك المحكية واسكبها هنا فينا عطشى وقتلى حرب مشاعر وقسوة أيام وقحط أطراف وانطفاء ومض وهجر قنديل ونحن هاهنا صرعى سكارى لحض نرتقب الدفء وقيد الحب أذبل القلب أن يشعل موقد الأحلام ويلتحف أحضانه الهلكى أين السقاة ..؟ وشفاهه عطشى جئت بهذا المقال هنا لما وجدت به من دفء يكتنف المشاعر ... وصدق عهد ناه من بعض كتابنا ومثقفينا الذين يجيدون بحق قراءتنا ويتيحون لنا قرأتهم بكذا خصوصية رائعة وحميمة ... أترككم مع المقال .... أيحق لمثلي طرح سؤال على ذاتي بتجرد العالم وحكمة العاقل ونزاهة الحاكم وبراءة اليافع، مفاده البحث عن مفاتيح أقفال السعادة الغائبة والبهجة الحائرة والرغبة الحياتية الهاربة؟ أيحق لنا أن نعيد البحث من جديد بعد أن تم الحكم على أمسي ويومي وغدي؟.. ..هل هناك طريق موصلة للانفراج من أزمة الاختناق التي يعاني منها مرتع السعادة داخلي ومصدرها؟ هل وصلنا حقاً لزمن أصبح معه وفيه البحث عن السعادة ضرباً من ضروب الخيال المصحوب بألم نظرات الاستهجان والاستنكار ممن حولنا لمسعانا المشروع ومشروعنا المباح؟ لماذا نجد أنفسنا دوماً في فلك ودوامة جدار ناري تم تأطيره من قبل غيرنا؟ لماذا لا تقدم إلينا مفاتيح السعادة التائهة في زمن أصبح البحث الذاتي عنها نوعاً من العقوق الاجتماعي وأكثر؟ طالما أن البحث ومجرد البحث يثير استهجان الغير، فلما الحياة إذن؟ طرحت -ولازلت- هذا السؤال ليس من قبيل الترف الحياتي، بل لحاجتي وحاجة كثيرين ممن لا تستهويهم أساليب الحياة التي يعيشونها. طرحت هكذا سؤالا وأنا مؤمن بحقيقة القدر ولا أعارضه ولا أتمرد عليه، لكنني أبحث عن مكنونات العيش السعيد، وهو أمر تحركه نوازع النفس البشرية الفطرية، هل يتم الحكم على منظومة العواطف الوجدانية وقوتها بالموت أم يتم البحث عن ما يحركها ويفتح الطريق أمامها لتتحرك؟ ألم يخطر ببالنا أن ثمة أياماً قليلة قادمة تحمل في جوانبها الكثير من العجز والكبر والوهن وأن ما من نور يضيء في النفس الشابة سوى حراكها العاطفي الوجداني المملوء بالحب والود والسعادة. لا تقولوا لي إنني أحلم أحلاماً وردية، لا تقولوا إنني أعيش سراباً مبشراً بسعادة، لا تقولوا إنني أعيش تيهاً لا مرتجى منه ولا نهاية له، لا تفعلوا أرجوكم فأنا أعيش على أمل اللقاء ونقاء الأحلام وبقايا الماء حتى لو كان سراباً. لا تقولوا إنني لا أستطيع أن أعيش حتى حلم اليقظة الذي أشكله متى ما رغبت، هل أصبح الحلم ممنوعاً ليلاً ونهاراً، حلم يبحث عن تحقيق جزء منه، يبحث عن الطريق المؤدية إلى الحياة بشكلها الوردي النقي، لا تقولوا إنني لم يعد بإمكاني أن أعيش الحياة التي أردت. لا تقولوا إن الوقت لاستدراك ما فات قد ولى. لا تقولوا إنني لم أعد أعيش الحلم الذي ارتبط بالغابات العذراء والسواقي الصافية وتناغم أمواج البحر وصوت البلابل. لن أفقد الأمل في الانتظار والبحث، لن أفقد الأمل في العيش، لن أفقد الأمل في البحث عن السعادة حتى لو كان ذلك في غياب الواقع، ذلك الأمل الممتلئ بالحياة، ذلك الأمل الذي ينير عتمة الليل ويبرد حرقة ولهيب الشمس. سأظل أبحث وأنتظر مهما زاد ألم البحث وأمتزج ترنح الجسد بغشاوة النظر وهيام الكلمات التي تحمل رؤية بلا دليل وحلم بلا أمل، سأظل أنتظر حتى لو لم يكن هناك سوى طريق واحدة لابد لي أن أشقها، سأتغرب بخيالي المؤلم، وأستوطن بألمي المفرح باحثاً عن ومضة أمل في سواد الانتظار فلازلت أحلم بالأمل. سأظل أبحث حتى لو داهمني الحزن، ولاحقني الضياع، وملأ أرجائي الحزن، سأظل أحلم طالما ظل الحلم يراودني مبتهجاً مترقباً منتظراً. سأظل أبحث عن غد مشرق لا عتمة فيه ولا سواد، فيكفي نفسي قساوة السواد وعيش الظلام، سأظل أبحث عن وجه آخر للحياة لا فراق فيها ولا أحزان، أعين تتعانق وأجساد تتناغم وأرواح تتراقص. أبحث عن واقع لا حلم فيه. أبحث عن الفرح الذي لا يعرف الوحدة ولا يخاف المستقبل. الفرح الطفولي الذي يلهو عاشقاً لكل حياة. أبحث عن مستقبل لا ماض حزين له، أبحث عن غد يدير ظهره للماضي ويستقبل فرحاً هائجاً ثائراً لا غربة فيه. سأظل أبحث حتى وإن تساقطت صفحات أيامي أمامي وتتطايرت أوراقها، ولن يثنيني عن حلمي إلا لحدي. فطالما هناك حياة وعيش، سأظل أحلم وأبحث عن الأمل فذاتي موصولة بمطلق الوجود، أنه فيض من معين منه فيض الوجود بأسره، تصرف من يعتبر الكون كله مجاله، الأرض كلها موطنه، فلا رحبت بنفسي ولا ضاقت بحلمي، أو بعد ذلك أتوقف؟ إنها الحياة مقابل النازع الفطري الباحث عن عيشها بهناء. أو بعد ذلك لا يحق لي أن أنفتح على روافد الحياة وأضع كامل وجداني العاطفي على الوجود وما يعتمره، باحثاً عن النسق الذي يضمن اتساقا داخلياً لا ينزع للضمور كما عهدناه بل للنمو والانفتاح على العالم والتمتع بما خلقه الله من جماليات عديدة. لفهم الإنسان لنفسه علاقة صميمة بنسق نظره للوجود ونمط مسلكه في الحياة. فإذا فهم المرء نفسه على أنه جرم صغير محدود منفصل، تصرف كجرم صغير محدود منفصل. عندها ينحصر جل همه في نفسه، فإن تعرض همه من بعد ذلك فإنه يبقى ضمن خصوصيته. أما غير ذلك، حينما يشعر الإنسان بإنسانيته وحقه في العيش وانتمائه لأكسير الحياة الذي يستنشقه ويحيي حلمه من خلاله، تصبح الحياة بأكملها مسرحه ومكانه ومنزله، عليها يعيش وبها يهنأ ولها ينساق، وما أن يشعر المرء باتصاله الذاتي لكيان، أعطاه جل وجوده، وأصبحت غايته إرضاؤه وهدفه العيش به ومعه. كيف بالإنسان أن يظهر المضمر من أسرار وألطاف هذا الكون؟ سوى باستيعاب الإنسان العالم معرفياً ووجدانياً، بإحاطة واقع العالم وباستشعار بديع صنعه. وكلما اتسع علم الإنسان بالكون وارتهف حسه في استشعار جماله وجلاله، كلما اتسع عقله بعملية ما يندرج في علمه، وازداد استئناسه بالعالم واطمئنانه فيه. بهذا المعنى فقط ينطوي الكون فينا بقدر ما نحتويه معرفياً ونأنس به وجدانياً. بهذا المعنى أيضاً، عالم إنسان اليوم أكبر وأدق تفصيلاً وأونس من عالم إنسان الأمس، وعالم إنسان الغد سيكون أكبر وأدق تفصيلاً وأونس من عالم إنسان اليوم. أعلم بل أجزم أنني إنسان ومن طبائع البشر سرعة الملل وترك البحث والضعف والتقاعس والتقهقر، إلا من كان حلمه جميلاً بلون الورد، متوهجاً بحرارة النار، صافياً كالماء، ناصعاً كالثلج. سأظل أنشد تحقيق الحلم، سأظل أحلم، لأنني مؤمن أنني إنسان له الحق بالحياة، وله الحق بالاختيار، وله الحق بالعيش، وله الحق بالسعادة. ومن كان كذلك سيظل يبحث عن تحقيق الحلم أو ربما عن حلم الحقيقة. |
عندما يكون المقال كموج البحر موجه تقذف بأخرى من الطبيعي ان تكمليه للاخر وهذه الموجه الرائعه تحكي صراع الامل والحلم معاً وباعتقادي انهما اقوى دوافع البشريه لتحقيق الذروة فالكاتب وضع التحدي الذي يعد ناتج الحلم والامل نصب عينيه ويكرره مع بداية كل موجه ويوجه رساله لمثبطي العزائم بأنه ماضي لتحقيق حلمه سيدتي مذهله اهنيء هذه المقاله لوصولها لذائقتك واختيارك لها دمتي بود |
اقتباس:
لحضورك الفرح أخي مرشد الشعلان ... كلماتك عذبة .... واطراءك أخجلني .. فالمقال كان رائعا .. بروعة كاتبه . دمت بخير ... |
الساعة الآن 03:30AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية