سفيهٌ صائم !
إني لأتحَرَّجُ - أيُّها الأفاضلُ - أشدَّ الحَرَج ، أن أخرجَ في حاجةٍ قبَيل الإفطار ؛ مما أشاهدُ من مشاهدَ يندى لها الجبين ، حيثُ التصرفاتُ المؤسِفة ، والمناظر المُدنِفة ( أي المُمْرضة ) ولا تخفى جميعُها على من سَاء حظُّه ، وخرجَ في ذلك الوقت .. سبٌّ وشتم ، وشدٌّ ولَطم ، وعِداءٌ واعْتِداء ، وزئيرٌ وعُوَاء ... !! والطرقات مُكتظة ، والمتهورون في كل حَدَبٍ وصَوب ، والطائشون ما بين سَانِح وبَارح ! حتى يكادُ العاقلُ لَيستشعرُ - قبل الشُّعور الأعْظم - قولَه تعالى : (( وإذا الوحوشُ حُشِرت )) في هذا الوقتِ بالذات ! . بدَل أن تُستغلَّ تلك السُّويعاتُ اليسيرة المباركة بالقِراءة والدُّعاء - ونحن الآن في نصفِ العشر المُباركة ، إن اكتمَلت - ، تستبدلُ بالشحْناء والإيذاء ! يقول الرسولُ صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ لِلَّهِ عندَ ( كلِّ فِطر) عُتقاء ، وذلك في كلِّ ليلَة )) حَسَن صحِيح . إني لأتساءل أيها الأحبَّة : أيُعقل أن هذا كلَّه بسبب الجُوع والعَطش ؟! إذن لو أننا في الصُّومال أو ابتلينا ببلائِهم - وليس ذلك على الله بعزيز - ، فماذا سيحدُث لنا ؟! أرجو ألا يأكلَ بعضُنا بعضاً قبل مَجيء هيئةِ الإغاثة ! لا حَول ولا قوَّة إلا بالله . إني لا أمزحُ أيُّها الأفاضل .. ولا تقولوا بأني أبالِغ ، إن من يُبتلى ويخرج في ذلك الوقت يرى ذلك جلياً ظاهراً ، وعليه أن يتمَثَّلَ بشخصِ ( أشج عبدِ القيس ) ؛ فيلزمه أن يُدثِّرَ نفسَه بالحِلم ، ويتزيَّا بالأناة ؛ لئلا ينجرفَ مع التيَّار ، ويَعْمَهَ مع الذين في طغيانهم يعمهون .. فإنك – غالباً - إن سلِمت من لعنةٍ قد لا تسلمُ من شَتمة ، وإن سلِمت من شتيمة لم تسلم من نعِيق ، وإن سلمت من نعيق لم تسلم من نهيق ! .. ومن جاد به حظُّهُ ، وسلِم من هذا كلِّه ، لم يسلم من مراهقٍ في الخمسين ! ، أو مراهق في الخامسةَ عشرةَ ، يضغط - بلا مُبالاة ولا مُراعاة - على زَمَّار السيارة المزعِج ، حتى تكاد أن تنفجرَ طبلة الأذُن !! أصْدُقُكُم القول .. ليس هذا ما حَداني – حقيقة - أن أكتبَ هذا المقال ؛ فهذه أمورٌ قدِ اعتاد الناس عليها ، ولم آتِ بشيء جديد ، ومن ينصح هؤلاء ( كمن يُخَطِّطُ في مَاء ) ! . بيدَ أنَّ ما حداني ، هو أني رأيتُ سفيهاً متهوِّراً - وليس من رأى كمن قرأ - رأيتُهُ بأمِّ عيني ، صّخِبَ الشَّوَارِب (1) ينهَقُ بلا هوادة أو فتور ، على سائقٍ هندي مِسكين ، ألقاه أرضاً ، وأوسَعَه سبّاً وشتماً ، وقامَ بعكفِ إحدى يديه خلفَ ظهره ، وبدأ يوجِّه له اللكماتِ تلو اللكمات ، وكلُّها في الرأس ! يرفسه وينهق ! ولسان حاله يقول : (( ليسَ علينا في الأمِّيينَ سَبيل )) ! وقد تجمهرَ الناسُ حولَهما ، ولم يملكوا سوى التعوُّذِ مع كل نَهقة ، والترحمِ مع كلِّ رفسَة ! أول ما شاهدتُ المنظرَ المؤسفَ ، حسِبتُ بأني في حَمَاةَ أو اللاذقية ! ، وهذا من ( شبِّيحة بشَّار) ! فأوجستُ في نفسي خِيفة ، فأبصرتُ يميني ، فإذا مطعمٌ مندي ، وأبصرت شِمالي ، فإذا مطعمٌ بُخاري ! فأدركتُ أني في الرِّياض ، فاطمأنَّ قلبي !! كأني بكم تريدونَ أن تعلمُوا ما سبب هذا الشِّجار . اطمئنوا .. هذا العاملُ المسكين ، لم يفسقْ ولم يقتل ولم يكفر ؛ بل ارتكبَ جرماً أعظمَ من هذا ! هذا العامل أيها السَّادة ، ذنبُه العظيم أنه صدمَ سيَّارة هذا السفيه المتهور من الخلف ، وسبَّبَ خَدْشاً بسيطاً ، يَكاد ألا يُرى بالعين المجرَّدة ! فغضبَ هذا المتهور فطفِئَ مصباح عقلِه – كما في المثل الغربي - إن كان له عقل ! فطوَّعتْ لهُ نفسُه ضربَ أخيه ، فضربَه فأصبحَ من الخَاسِرين . إني لأتساءلُ .. كيف لهذا المتهور السفيه أن يقودَ سيارة ؟! وكيف حصلَ على الرُّخصة ؟! وإني لأتساءل أيضاً .. لو أنَّ الذي صدمَ سيارته أفغانياً ، أصابعُ كِلْتَا يديه كأنها ( عُلُوب ) مُوز ! ، أو فلبينياً يتبخترُ بالحِزام الأسوَد ، أو فلاحاً صَعيدياً بيدِهِ ( صرَّة عَلَف ) ليس بينها وبين شَوَاربه فرْق ! هل سيقدُمُ على ضربه أو حتى شتمِه ؟! إنه سيُفكِّرُ هذه المرَّة بساقيه لا بيديه ! وسيخرج مِن نَعلَيهِ أجْنِحة ! . إن كانَ هذا التهورُ والطيشُ سببَه الجوعُ والعطش ، فكانَ اللهُ في عَون أمِّه ، كيفَ فطِمتْه يا تُرى؟! هذا تساؤلٌ لطيفٌ بريء حيَّرني وأنا أكتب ، رحِمها الله ، وغفرَ لها ! . إن صُمتُ أوجَعَني بَطنِي وأقلَقَني *** بين الجَوَانِحِ مسُّ الجُوعِ والعَطَشِ ! يقول أبقراط : (( إذا كنتَ جائعاً فلا تباشر عملاً )) . فيا مَن جُوعُهم يُوجِعُهم ! ابقوا في رحَالِكم ، (( فإذا طَعِمتُم فانتشِرُوا )) ؛ لكي تسلموا ويسلمَ الناسُ من شرِّكم .. وقانا اللهُ وإياكم شرَّ صَومِ السُّفهَاء !! (1) حِمارٌ صَخِبُ الشَّوَارِب : أي شديدُ النهيق . |
الغالي
الاديب والشاعر خواطر متناثره كل عام وانت بخير وعشر مباركه وتقبل الله صيامك وقيامك استاذي الغالي اننا امام موضوع تسطر بحروف ذهبيه بما يحمله من واقع مصور بسطور فكريه وايماءت اعتباريه ونهج تعليمي وتكميلي فلا فض فوك وسلم لنا فكرك واناملك بيض الله وجهك وربي يعطيك العافيه تقبل تحياتي |
فيا مَن جُوعُهم يُوجِعُهم ! ابقوا في رحَالِكم ، (( فإذا طَعِمتُم فانتشِرُوا )) ؛ لكي تسلموا ويسلمَ الناسُ من شرِّكم ..
لقد ختمت ماكتبت بحكمة يحتاجها امثال هؤلاء. اخي وشاعرنا واديبنا الفاضل/خواطرمتناثره مارأيت الاقطرة في بحر ولقد اوضحت حال امثاله لو ان من اصتطدم به كما ذكرت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " و الصرعة تعني الذي يصرع غيره بقوة و يغلبه--تختلف درجات الناس في الثباب وضبط النفس أمام مايثيرهم من الأحداث التي تصدفهم فمنهم من تستخفه الأمور التافهة فيسرع إليه بالغضب و الثوتر ومنهم من تستفزه الأمور الشديدة فيلقاها بالعقل و الحلم هذا مايجب ان يكون عليه حالنا في كل يوم/فكيف بيوم من شهر العتق والمغفره اطلنا في الحديث وماهذا الا دليل على اهمية ماكتبت ومانجدك تكتبه دائما فالف شكروتقدير لك وللجميع وبارك الله لك في علمك ونفع به |
الله عليك
كتبت فابدعت نصيحة ولكن من يستمع لها ابشرك اخوك ريف ياخذ مقاضيه من بعد الظهر و يريح راسه كل التقدير مبدع كعادتك ريف .,. |
الشاعر والكاتب خواطر متناثرة يسعد صباحك بكل خير كتبت فأبدعت وأصبت كبد الحقيقة ماطرحته ياكاتبنا الكريم في هذا الموضوع هو من المشاكل الأزلية وخاصةً في رمضان . ومع الصيام تشتد العصبية عند الكثير من الناس فلا يقيم وزنا لهذا الشهر الفضيل فتراه يتصرف بتهور ولا مبالاة وهو يقود سيارته بأقصى سرعة ليلحق على الفطور ! ويجب ان لا ننس قبل السحور بساعة او اقل . ترى البعض في سباق محموم ولا يهمه قطع اشارة او التسبب في حادث مروع . وكل ذلك من أجل الحاق على وجبة السحور ! تصرفات غريبة وعجيبة اقل مايقال عنها . انها تصرفات صبيانية طائشة . وليس لنا حل ولا حيلة مع هؤلاء الا الدعاء لهم بالهداية الصالحة لما يحبه الله ويرضى . دمت بود |
**
ما نراه وما يحدث واقع مؤلم نعيشه كل يوم --- فلنبدأ رحلة تغيير ذلك الواقع وتكن البداية من انفسنا احسنت اخي الكريم وبارك الله فيك .. تحياااتي وتقديري |
اقتباس:
بارك الله لنا ولك ، وأعلى الله درجتك في الجِنان .. وكلماتك كالنور الذي يضيء الطريق .. جزيت خير الجزاء .. لك وافر التقدير والاحترام ... . |
اقتباس:
شاعرنا القدير : خلف العاطفي لك الشكر الجزيل على الكلمات الطيبة ، وعلى التقييم .. بارك الله فيك ، وأسكنك عالي الجنات .. لك وافر التقدير والاحترام ... . |
اقتباس:
أهلا بشاعر الحب : ريف النشاما أشكرك على حضورك ، وعلى كلماتك الطيبة .. وأنت من منابع الإبداع .. وخروجك بعد الظهر هو عين الصواب ؛ لترتاح مما علِمتَ .. لك خالص التقدير ... . |
لوحة درامية رسمتها لنا اخي الكريم أجدت رسمها حتى ظهرت تفاصيل نتوءات مجتمعنا وتشوّهاته وكأننا نراها لأول مرّه , وهو دليل نجاحك في تجسيم الصوره وتأثير قلمك الساخر في مكوّنات الحدث .
عجبت كثيرا لاختيارك نوع الأجنحه التي يختارها من يغادر ساحة المعركه حين تتأكدُ لديه استحالةُ المواجهه!!! أخرج كل يوم لنفوز بحلقةٍ جديده من حلقات "مواقف متناثره" هنيئا لمنتدانا بوجودك . لاعدمناك اخوك الغواص. |
الساعة الآن 09:54PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية