شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري

شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري (http://www.rhb-reema.com/vb/index.php)
-   الفكر والأدب (http://www.rhb-reema.com/vb/forumdisplay.php?f=18)
-   -   بعض من عرفت ( الجزء الثاني ) (http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=27574)

سـعود 07-05-2011 03:34PM

بعض من عرفت ( الجزء الثاني )
 

بعضُ من عرفتْ


( الجزء الثاني )


بسم الله
بعد عراك صامت مع نفسي وشد وارتخاء وتردد وخجل , قررت ان اشرع في كتابة فصول جديده من حياتي .
( التي لاأظنها تهم الكثير ) سوى رغبة المشاركة مني واجترار احداث من زمن منصرم احرقته احداث تتجدد كل يوم فنعيش الجديد بكل مافيه من بسمة ودمعه , وهل خلق الإنسان الا في كبد وحركته لاتتوقف الا بسكون النابض الهادر للأحمر القاني .
لكن في حدث الماضي استذكار مغلف بحسرة وآهة تحرق اوراق الذكرى لكن المرء بعناده في لحظات سكون وتأمل يشتهي العودة الذهنيه الى الماضي , يشده الى ذلك اشخاص احبهم وغمروه بأحظانهم ودفء عاطفتهم كأب وأم واخوة , لم يعد منهم سوى ذكرى في ارشيف الزمن , او صداقات كانت يوما هي كل وقته , منهم الرأي والحوار والمشاركه , لكن المتغيرات بقسوتها غيّبت وجووهم سواء برغبة او قسراً كموت او سفر .
هي الحياة بألوانها الزاهية والشاحبه تغيب وجوه وتأتي وجوه , وكما البشر لهم حكايات وذكريات فالجماد لايختلف عنهم صحبة الذكريات , فأنا دوناً عن الكثير , ولأمر لايد لي فيه , تنقلت بين الكثير من احياء مدينتي , فتعددت مدارسي وتنوعت صداقاتي بسبب طبيعتي العشريه رغم اني لاقيت من البعض اساءات بسبب سذاجتي احيانا وحسن ظني المفرط في البشر , فكان له مردوده السيء على حياتي للأسف , لم اوفق في حياتي الدراسيه كما كنت اتمنى ولم اعتلي منصبا وظيفيا له قيمته , بسبب التنافس الغير شريف والدسائس التي لاأجيدها ووالله لاأعرف كيف يرتب لها البعض وبكل اسف ينجح !!!
اطلت في هذه المقدمه لكن كان لابد منها تمهيدا لما سوف ارويه تباعا , وحكاياتي وذكرياتي ليست بالضروره ان تأتي متسلسله زمنيا لأن هذا صعب اولا من حيث التواريخ , ثانيا وهو الأهم ان بعضها لاتستحق الكتابة عنها كي لايصيب القاريء الملل , فحدثها لايهم الكتابة عنه .


ارجو ان يجد من يقرأها الفائدة والعبره الى جانب التسليه .

سـعود 07-05-2011 03:35PM


ولايهدأ الداء عند الصباح ولايمسح الليل اوجاعه بالردى
بدر شاكر السياب



الحكايه الأولى


صديقي ابراهيم ( الصديق الذي فقدته مبكرا )
في احد الأحياء وسط مدينة الرياض , حي شعبي كان في حينها جميلا نظيفا سكانه جميعهم مواطنين متناغمين , يعتبر هذا الحي من اطول فترات السكنى لأهلي فقد بقينا فيه مايقارب العشرين عاما وإن كانت مقسومة على فترتين بسبب احداث يأتي ذكرها فيما بعد , في تلك الفترة كنت في المرحلة الأبتدائيه في الصف الرابع .
كان لي صداقات مع بعض ابناء الجيران لكن اغلبها لايرقى لمعنى الصداقه الحقيقي بحكم السن والتفكير , هو وقت نقضيه في لعب الكره في اي ارض فضاء قريبه او نترافق احيانا للسوق ولم يكن في ذلك الوقت مايجمعنا غير الشارع حيث لايوجد العاب تلفزيونيه . وفيما بعد عرفنا لعبة الشده ( الكوتشينه ) والكيرم والضومنه ... هذه حدود تسليتنا وكنا نأنس بها وتجمعنا بعد ان كبرنا .
من ضمن صداقاتي في ذلك الوقت رفيق أانس اليه لحلو حديثه ورقته هو ولد جيران اكثر من تعريفه بصديق ... فلم نكن نوازن بين الصداقه بمعناها الحقيقي والصحبة العاديه , كل مايهم ان نقضي وقتا طيبا , كنت مع جاري ابراهيم نترافق في التجوال في الحاره او نبتعد قليلا ... انسان طيّب النفس محب للمرح , لازلت اذكر تعليقاته علي شخصي ولكنه لايلبث عندما يلاحظ اني ( زعلت ) ان يتراجع ويراضيني .
هو وحيد اهله على بنات لاأذكر عددهن ؟ فلم نتحدث في هذا الأمر يوما ,جاء لي مساء يوم يدعوني ليستضيفني بمنزله لأشاهد معه حفلة تلفزيونيه لمجموعة من الفنانين السعوديين , فلم يكن لدينا جهاز تلفزيون في حينها وكان دخوله حدثا لايقدر على اقتناءه الا المترفين , وسهرت عنده تلك الليله وبهرني هذا الأختراع العجيب وشغل تفكيري ليلتها .
بقيت صداقتي مع جاري ابراهيم اثناء وجودنا في ذلك الحي , وحين غادرناه بشكل مؤقت , لم اقاطعه بل كنا نتزاور بين فترة واخرى ,وعندما افتقدته يوما ذهبت لزيارته وطرقت الباب اسأل عنه , فأجاتني احدى شقيقاته من وراء الباب بصوت حزين ( ابراهيم مات من يومين ... انت ماتدري ؟ )
وقع الخبر علي وقوع الصاعقه ؟ متى حدث هذا وكيف ؟
اصابني شبه دوار واستعظمت الأمر وصدمتني المأساه التي لم تكن على البال .
رجعت الى بيتنا متثاقلا استعيد اثناء الطريق حواراتنا ومواقفنا , قسمات وجهه وهو يضحك او يتحدث , الكثير مما جرى بيننا من صحبة طيبه , وصافحت وجنتي دمعة كان لابد لها من الفرار , صعب على الإنسان فقدان من يرتاح اليه او يحبه او جمعته معه ذكريات جميله ,اكتفي بهذا فلا أحب الغوص اكثر لأن الذكرى اليمه .
رحمه الله


القادم ( صديقي الذي نسيني ) احد شركائي في حب الموسيقار .

زمان العجايب 07-05-2011 08:09PM

متابعة لك

كم حرفك له تناغم رائع ومغناطيس مبدع

كن هنا معنا على الدوام

كن بخير دوما"

:r:

سـعود 07-06-2011 10:19AM

اشكرك اختي وارجو ان تروق لك الذكريات

الاحنف 07-06-2011 02:36PM

سيرة ذاتية متناغمه زدنا منها ياسعود
في مقعد الاستماع أنا هناك انتظر
مودتي

وين اااهج 07-07-2011 12:32AM

سعود/

اشوى امداني احجز مقعد


وفي الصفوف الاماميه دام اللي قدامي احنف



مووودتي ياسعود

سـعود 07-07-2011 03:00AM



بعض من عرفت (الجزء الثاني)
( 2 )


احلى الأماني فيك يازمان لقا الاحبّه في كل اوان
بيرم التونسي



عبد الرحمن ( صديقي الذي نسيني )!

عام 1971م كنت في عز بحثي عمّـا ينقصني من درر الموسيقار وكنت لاأدخر وقتا في البحث , اجوب الاسواق المختصه بالأشرطه والاسطوانات وابحث عن شركاء قد اجد لديهم مالا أجده بالأسواق .
عثرت بالصدفه على مجنون مثلي يعلم ــ حينها ــ عن الموسيقار مالا اعلمه ...
تم التعارف بيننا وكنت حريصا عليه دون حرصه عليّ !

واذكر اني حين انشغلت مع البائع التفت فلم اجده فأسفت لذلك , لكني صممت على صداقته حبا في الموسيقار ولأنه ذكر لي اسماء اغنيات اول مره اسمع عنها , فلحقت به لكني لم اجده في السوق ورجعت لصاحب المحل اسأله عنه فأجاب انه زبون دائم سألته اين يسكن ؟

فذكر لي اسم الحي فقط فهذه حدود عنوانه الذي يعرفه ؟!
تضايقت وتساءلت : وبعدين ؟
لكني صممت ان اجده , خاصة ان الحي الذي يقطنه ليس بالكبير وحدوده معروفه ... فقلت في نفسي لأذهب اولا لتحديد الموقع .
حزمت امري عصر يوم ويممت شطر الحي .
كانت وسيلة الركوب ( دراجة ناريه ) اوما تعرف بالموتور سيكل .
دخلت الى الحي من الشارع الرئيسي ...امشي على مهل والتفت يمنة ويسره , ودون سؤال او جواب وجدته يجلس امام بيته وحين لمحني ابتسم ووقف يرحب بي ويسأل : مين دلّك؟


قلت ان من يرغب امرا ويصرّ عليه يكافأ .
دخلت مجلسه الفريدي ثم نقلني الى غرفته الخاصه يريني اياها ولأنها غرفة اعدت للنوم فقط فقد عدنا الى مجلسنا في بيت طيني جميل , تحدثنا طويلا عن الموسيقار وحبنا له واسمعني العديد من الأغنيات التي ليست عندي وحدثني كثيرا عن تاريخ الموسيقار , اعجبت بهذا الصديق واحببته وشكرت الله ان هداني اليه .
ورغم ان اعمال الموسيقار في البدايه اغلبها من عنده بعضها تسجيله ممتاز وبعضها رديء لكنها خير من العدم , وقد قال لي وانا ابحث بين الأشرطه لأختار ماليس عندي , حين رأى اني اكثرت الأختيار ... قال : ماعندك شي معنى كذا بتاخذ كل اللي عندي .


استغربت سؤاله وانزعجت بعض الشيء ... لكنها جملة نسيتها مع الزمن ولم تؤثر في صداقتي به .
الأمر الجميل انه مع الزمن اصبحت انا المصدر الرئيسي له بتسجيلات لم يعرف منها سوى الاسم وبعضها يجهله واغلبها تسجيلات نقيه صافيه .
كان هذا نتيجة المثابره والأصرار وكثرة البحث الجاد عن المصادر .


سارت بنا السنون ( عشرون عاما ) تقريبا كان التواصل فيها مستديما وطيبا يحوطه المحبة والأحترام والسؤال عند الغياب ... سافرنا سويا اقمنا سويا .كل معاني الصداقه الحقيقيه المنزهه من اي غرض دنيوي كانت هي عنوان علاقتنا الفريديه الجميله .
فيما بعد دخل ميدان التجاره , دعوت له بالتوفيق , لكن هذا كان على حساب لقاءاتنا التي تضاءلت حتى كادت تنقطع لولا اصراري على التواصل بزيارته في مكان عمله والسؤال عنه وكلما حصلت على عمل جديد ابادر الى تسجيل نسخة له بلا منة ولافضل فله علي فضل سابق في هذا الأمر ثم اني افرح لفرحه .


لكن لأنه لاشيء يدوم الا الخالق وحده , فقد لاحظت عليه في السنوات القليله الماضيه عدم حماس لزيارتي وسؤالي خاصة بعد ان اصيب بنفس المرض الذي اصبت به قبله بسنتين , ورغم اني تداويت منه واخذ مني زمنا ليس باليسير ورغم اني لازلت اعاني منه بعض الشيء والحمد لله على كل حال , الا انه يقول ان موضع مرضي وطريقة علاجي تختلف عنك , لكني ارى انه في النهاية ابتلاء وعلينا الصبر والأحتمال اما الحزن والضيق لن يبدلا من الأمر شيء والواجب ان نحتفظ بألمنا بصمت وان لا يؤثر ذلك على من حولنا فتصيبهم عدوى آلامك .
بقيت علاقتي بأخي وصديقي قائمة الى اليوم رغم انه لايسأل ولاأجد لديه حين ازوره ماكنت اجده قبل سنين . التمست له العذر , وليس بالضروره ان تكون مشاعر سعود هي نفس مشاعر عبد الرحمن , كل امريء وتركيبته النفسيه , ولعل لمرضه دور في ذلك , ادعو لنفسي وله ولكل مريض بالشفاء .
ولازلت احمل له نفس المشاعر والحب لم يؤثر فيها حدث او نسيان او تجاهل فقد قضيت معه اسعد اللحظات رفق انغام الموسيقار وله في قلبي اجمل الذكريات .


http://www.n11s.net/uploads/images/n...0658930026.bmp


هديه:
كل السطور تبدا بفكره ثم تتلون الصفحات (سعود)


القادم صديقي الذي هجر الموسيقار ونصحني بتركه

حمرة الورد 07-07-2011 05:28PM

جميله جدا ذكرياتك سيدي الراقي وجمال طرحها زادنا تشويقا
عباراتك لها سر خفي وممتع
تحياتي لك

سفير المعاني 07-07-2011 06:35PM

الغالي
ابو جمال

الله انه يسعدك ويوفقك بجميع اوقاتك بكل خير

لقد كتبت واجدت وامتعتنا بما سردت من ذكريات

وسوف نتابع البقيه فشكرا لك دائما ونحن بانتظارك

تقبل تحياتي

سـعود 07-10-2011 08:52PM


بعض من عرفت ( الجزء الثاني )

( 3 )


اذا كنت في كل الامور معاتبا صديقك لم تلق الذي تعاتبه
فعش واحدا أو صل اخــــاك مقارف ذنب تارة ومجانبـه

بشار بن بُرد


أحمد ( صديقي الذي هجر الموسيقار ونصحني بتركه )


صديقي احمد سعى اليّ للحصول على اعمال للموسيقار لا توجد لديه يعرف بعضها ويجهل اكثرها , جاء يوما الى مقرّ عملي ولم اكن موجودا ولأنه يعرف بعض زملائي طافوا به بين الأقسام وبالصدفه شاهد مجموعة من الكتب الخاصة بالموسيقار كنت اتيت بها للمكتب , فازداد حماسه لمعرفتي وتم له ماأراد .
كان هذا في عام 1978 او 79 / .. صديق فرحت لمعرفته فقد كان ولايزال دمث الخلق مرح الطباع صادق الوعد , واسعدني الحظ بمعرفة اخوته الذين لايختلفون عنه خلقا وطباع اخصّ منهم شقيقه الأكبر حواره جميل وقناعاته رائعه بسيط وشعبي بالمجمل .
استمرت صداقتنا ردحا طويلا من الزمن كنت فيه مصدره لأعمال ومعلومات وتاريخ الموسيقار .
كان لنا فيها الكثير من المواقف الطيبه والأحترام المتبادل , وكان جُلّ اهتمامنا بأعمال الموسيقار الفنيه والغنائيه نتبادل المعلومات حولها , احضرنا الكثير من الأفلام التي كانت بكرات سينمائيه استمتعنا بمشاهدتها والأستفادة من تسجيل اغنياتها .
ودار الزمن دورته حيث سافر هو للدراسة في امريكا وكان يراسلني بين حين وآخر ويزودني بأخباره , وكنت افرح له وادعو بقرب عودته , وحين عاد كان رجلا اكثر انفتاحا , لكن اهتمامه بالموسيقار لم يكن كما كان قبل سفره , فقد انصاع للحياة الغربيه حتى في سماعه للموسيقى , وتراجعت كثيرا درجة عشقه لموسيقى موسيقار الأزمان .
لم استغرب او اتضايق من هذا التحول , فكل امريء حرّ... في قناعته وتحديد اسلوب حياته , المهم اننا بقينا اصدقاء , ولم يتم اي تغيير فقد امتزجت نفوسنا وميولنا الأنسانيه باستثناء درجة ميلنا للموسيقار فأنا توسعت كثيرا بينما هو تراجع .
اخذتنا دوامة الحياة ولم نعد نشاهد بعضنا كما كنّا , ولاغضاضة في ذلك فهو امر يحدث حتى بين الأخوه .
فوجئت به يوما يتصل علي ويحدد موعدا لزيارتي , فرحبت به واعددت له موجبات الضيافه , لكني رأيت انسانا آخر !!
فقد اطال لحيته وبدا لي من حديثه واسلوبه ومظهره كأحد المشايخ ؟
سألته عن هذا التغيير فأجاب انه ( التزم ) وهي كلمة تقال عندنا لمن يهجر الأغاني والسهر والسفر واحيانا مشاهدة التلفزيون !
بل ان البعض لايعجبه العجب ولا الصيام في رجب !!
وكأن الحياة عبادة وتزمّت وانتقاد لأي فعل لايأتي على هواهم ؟
والنتيجة مانشاهده اليوم فقد انقسم المجتمع بين تطرّف وانفلات الا من رحم ربي .

غادرني صديقي ولم يضايقني بفعله فكل انسان وخصوصيته طالما لم يطالني منه اذى .
وأسفت ان صديقي بوضعه الحالي لن يهتم بزيارتي مثلما سبق لكنها حريته وقراره .
فيما بعد وصلني منه خطاب ( لازلت احتفظ به ) كال فيه التُهم والتكفير للموسيقار ومذهب الدروز وكتب فيما يشبه التهديد انه علي التبروء من الموسيقار وماكتبته عنه وسوف يكافئني ان فعلت هذا , وإلا فإنه سيقطع صلته بي !
طويت الخطاب ونسيت الأمر , فلا أحب الأملاءات ولا الوصايه , ولأن اي قرار اتخذه يجب ان يكون نتاج قناعتي وليس امتثالا او فرضا .
بعد سنوات عادت صداقتنا ولو بشكل خفيف , بقي هو على وضعه الجديد وانا كما كنت , وفي لقاءاتنا نتحدث طويلا في امور الحياه واحيانا عن الموسيقار وقد خفّت حدّته كثيرا بل انه طلب مني رابط الموقع فأعطيته اياه , لاأنكر اني تضايقت من ذاك الخطاب لكني مع الايام نسيته .ولاتزال صداقتنا قائمه رغم انها ليست كما سبق , تمضي الشهور دون لقاء او اتصال , ومع ذلك فالأحترام بيننا قائم .
اعيب على صديقي انفعاله وسرعة تأثره واستعجال قراره , ولو منح نفسه وقتا في الحكم على الأمور لطاب فعله واتضحت رؤيته , لكنه بالمجمل انسان نقي لم يطالني منه طوال سني معرفتنا اي مأخذ الومه عليه .
ويبقى اي فعل جميل تحفظه النفس ولاتؤثر عليه مجريات الأحداث .



القادم صديقي الذي اراد غوايتي وانقذتني منه عناية الرحمن

سـعود 07-11-2011 08:45AM


بعض من عرفت ( الجزء الثاني )
(4)



كـمْ من فتى تحســبه ناسكـا يستقبل الليل بأمر عجيب
القى عليه الليل استاره فبات في لهوٍ وعيش خصيب
يحي بن خالد البرمكي


عبد العزيز ( صديقي الذي اراد غوايتي )


بعد خلاصي من الأبتدائيه وشبحها البغيض مادة الحساب , قررت ان اتابع دراستي مساء لأتفرغ لعمل استرزق منه , كان ذلك عام 1970م .
فسجلت في المدرسة المتوسطه نظام ليلي , متكلا على الله ان يعينني على بلادتي في تلك الماده الصعبة علي .
جاورني في طاولة الدرس طالب اكتشفت بعد اسبوع انه يشبهني في بعض طباعي الأنسانيه ولأجل هذا كنا نترافق في المدرسه ثم تجاوزنا اسوارها الى البيوت , وقبلها كنا نخرج احيانا من الدرس لنتسكّع في الأسواق ونشتري ماطاب لنا من الكتب والمجلات نتداولها بيننا , فما يشتريه هو امتنع عنه انا والعكس , كي نوفر المال القليل .
امضينا شهرين معا في المدرسه بغير اهتمام , ودون ترتيب استقر الأمر على ترك المدرسه والأكتفاء بما مضى , هو من البدايه لم يكن مهتما وكأنه جاء يتسلى !
اما انا فقد اكتشفت ان هناك مادة اخرى اسوأ من مادة الحساب اسمها ( الجبر ) ... لذا تركت الدراسة غير مأسوف عليها , كنت اتعارك مع مادة الحساب من قبل , بكسورها الأعتياديه وتجزأتها التي لم افهم فيها شيء الى اليوم , ثم افاجأ بمادة الجبر ومصطلحاتها ( سين + صاد ) الخ؟
احسست ان من وضع هذه المواد يقصدني انا ... بعد الأرقام جاءت الحروف !؟ ولاحول ولاقوة الا بالله .
وبعد تفكير سريع وطاولتي تشكو مكوثي , وقفت شامخا , وطويت كتبي واقلامي واستأذنت , مغادرا غير نادم , مودعا الدراسة الى الأبد .
احسست اني انعتقت من عبودية الدرس وظلم الحساب والجبر ( لو كانا رجلين لقتلتهما وارحت العباد من شرهما )


حين وصلت اعتاب المدرسه اذْ بصديقي يلحق بي ليسألني عن الأمر .
اجبته بغير اهتمام ( قررت ترك الدراسه )
فضحك ملء شدقيه وقال : وانا معك .
وكأننا قررنا غزو الكفار طلبا للشهاده !؟


تركت المدرسه لكن صديقي لم يتركني , ولأنه مثلي عاشق للكَتب محب للحياه فقد وجد عندي ماجعله يتمسك بي , دعاني ذات ليله الى العشاء بمنزله ,ورؤية مالديه من كتب ولم امانع , واكتشفت ان منزله ليس بعيد عن حيّــنا , يمكن الوصول اليه بالأقدام .
بعدها تزاورنا كثيرا وقرأنا اكثر وتصعلكنا في الأسواق ماطاب لنا , وكل يوم تكبر صداقتنا , استمر هذا الحال ثلاث سنوات او تزيد قليلا .
كنا نتزاور بلا موعد , فلا تلفونات ولا أمر يستحق ان نطبع له كروت دعوه , كانت صداقتنا بسيطه جدا وارتياحنا لبعضنا اعفانا من الرسميات .


بعد هذا الزمن زرته في احدى الأمسيات , استقبلني في صالون منزله , لكني لاحظت انه يطيل الصمت وحديثه مجزّأ , فسألته إن كان مريضا ؟
نفى هذا عنه .. بعد دقائق استأذنت فأذن لي , مما زاد غرابتي فمن عادته ان يستبقيني .


بعد اسبوع كررت الزيارة لأطمئن عليه , فوجدت لديه ثلاثه او اربعه لاأذكر , مجموعة وجوه لا أعرفهم واحسست انهم تحرّجوا من وجودي فأخذوا بالأستئذان تباعا وانا في حيرة من امري واحسستني متطفلا , فهممت بالخروج لكن صديقي اشار بيده لأجلس فجلست .


وفجأة مدّ يده اسفل الكرسي الذي يجلس عليه واخرج صحنا صغيرا يحوي لفائف من التبغ بحجم اكبر من المألوف , فأخذ لفافة وناولني اخرى .
سألته ماهذا ولما حجمها كبير , اجابني وهو يبتسم :
هذا اللي بيخليك في دنيا غير الدنيا .
وحين لاحظ وجومي واستنكاري وجهلي , لم يتردد بقوله تسمع عن ( الحشيش ) قلت اسمع عنه , قال هذا هو , جربه وسوف تدعو لي !
قلت له اسمح لي انا لااستعمل شيئا لاأعرفه .
ولأنه قرر ان اشاركه , ترك كرسيه وجاء ليجلس الى جواري وانا ارقبه بدهشه , وتذكرت شيئا وقلت في نفسي لابد انه في تلك الليله السابقه كان يستخدم هذا الشيء , لم نكن نعرف في تلك الأيام مسمى ( مخدرات ) ومثلها مسمى ( ارهاب ) كانت الحياة مختلفه تشعّ بساطة وحب ونوايا حسنه .


اخذ صديقي ينفث علي من لفافته , وبدأ تأثيره علي لأني احسست بثقل وهبوط وأخذت جبهتي في التعرّق , واحسست المكان كمرجيحة , حينها ادركت ان الأمر قد يسوء ويصل معي الى مالاتحمد عقباه .
فاستأذنت بالأنصراف وهو يعتذر ان كان ضايقني إنما اراد لي ان ازيح الهم عن نفسي ( رغم اني ماشكوت له هما )!
في تلك الليله لا أدري كيف وصلت بيتنا , ماأعلمه اني نمت حتى ضُحـى اليوم التالي , الأمر الذي اغضب والدتي لأني غبت عن عملي ولازلت جديدا فيه , ولازالت كلماتها الثائرة الحنون تطرق سمعي وهي توقضني : تراهم بيفصلونك .


بعد اسبوع جاء لزيارتي مكررا اعتذاره ويدعوني لتناول العشاء بمنزله , فاشترطت عليه ان لايستخدم تلك اللفائف فتعهد بذلك .
لكنه بعد العشاء اخذ يحدثني عن مزايا مايستخدمه وان ماحصل معي تلك الليله فقط لأنها اول مره ومع التعوّد يصبح الأمر سهلا يسيرا .
واخذ يغريني باستخدام ولو لفافة واحده واذا لم استطيبه اتركه .
.
وامام الحاحه ووخز الشيطان استسهلت الأمر وتناولت منه واحدة وقررت ــ بناء على توجيهاته ــ ان لا آخذ نفسا قويا بل اتدرّج حتى اتعوّد , وبدأت التعاطي معه تلك الليله , لكني استبعدتها بعد انفاس قليله , لأني احسست بهبوط وضيق في الصدر , واستعاد لفافته , وهو يقول لابأس اول مره , تأكد المره الجايه راح يكون اسهل .


استأذنت فقد حان وقت رقادي كالمرة السابقه .
في الصباح قررت امرا لن أحيد عنه , لازيارات لمنزله وإن رغب بزيارتي فأهلا به .


مضى اسبوعان واذا بصديقي يشرفني بزيارته ويسأل عن سبب ( المقاطعه )
قلت له بمنتهى الصراحه : اكتشفت ياصديقي ان صداقتنا بدأت تدخل نفقا لاأرجوه لنا , اعذرني إن لم استطع التواصل معك كما كنّــا .
قال لي اذا كانت تلك السجائر تضايقك فلن استخدمها بوجودك , والمهم ان نبقى صديقين .
صدقته لكنه لم ينقطع بل اخذ يستقبل بمنزله وجوها غريبه , فقررت ان اضع حدّا لهذا الأمر , فلا اضمن الأكتفاء بالفرجه وسأجد نفسي يوما احد اللاعبين , وكان لأنتقالنا من ذلك الحي سببا مساعدا على تطبيق القرار .


للأسف اني بعد سنوات , صادفت مرة في السوق احد اقاربه, و سألته عنه وعن اخباره , تردد قليلا قبل ان يجيب , ئم اعلن انه في السجن , لايكاد يخرج منه حتى يعود اليه , اسفت لحاله ودعوت الله ان ينجيه ويتوب علينا جميعا .





القادم صديقي ( ولد التجـار )

سـعود 07-12-2011 07:00PM


بعض من عرفت
الجزء الثاني
(5)

عُمر صديقي ( ولد التجّـار ):

في زمن ولّى واصبحت اوراقه صفراء يلامسها غبار الزمن , كنا نسكن في حي من الأحياء الشعبيه المتناثره في ارجاء العاصمه .
في الشارع الموازي لشارعنا الصغير , هناك اسرة ميسورة الحال , عرفنا هذا من هندام ابناءهم ومايشتروه مما حرمتنا العسرة منه , اما البيوت فلم يكن هناك فارق كبير فجميعها طينية الملبس متشابهة الملامح , تفرقها المساحة والأثاث , فهذا صغير وذاك كبير ,والمحتوى من اثاث ومأكل متباين بين بيت وآخر .
تلك الاسره من مدينة اخرى من مدن نجد , ربطت بين امهم وامي صداقة جيران وتناغم فكر وتساوي حديث .
في تلك الايام كانت جميع الابواب مشرعه والبساطة والحب عنوان كل دار , لذلك من النادر ان لايكون التواصل بين الجيران معدوم وخاصة بين نساء الحي , فلهنّ القدرة على ربط البيوت ومعرفة بعض اسرارها .

تلك الأسره جميله بكل مقاييس الجار ومايجب ان يكون عليه , لديهم فيما اذكر ثلاثة ابناء وبنتين , جميعهم تتفاوت اعمارهم لكنها لاتتجاوز الخامسة عشره .
ولأن المرء عادة يميل الى من هو في مثل عمره ويتشابه في طباعه , لذلك كان الأوسط قريني , لم اسعى اليه ولم يسعى الي , في مثل تلك الظروف والأوضاع تأتي المعرفة بمفردها تنسج ثياب الصداقه على مهل .

صديقي يقاربني في العمر وشريك دراسه كلانا في الصف الثالث الأبتدائي لكنه ليس في مدرستي .

نقضي اوقات النهارمعا , نجلس طويلا في مرتفع قريب من المسجد مع بعض اقراننا لاحديث محدد بل افكار بسيطه لمن هو في مثل عمرنا .
واحيانا في بيتهم او بيتنا لافرق , وبينما لايوجد لدي أي وسيلة للتسليه يمتلك هو العديد من الألعاب الجميله سيارات متنوعه وقاطره وغيرها , ولازلت اذكر حين جاءني عصر يوم وهويركب دراجة جميله يريني اياها ويدعوني لتجربتها , كانت لعبة بدايتها سعيده ونهايتها جروح وتأنيب وحرمان وتهديد بعدم التكرار , فقد اخذتنا نشوتنا بالمركوب الجديد ان نجرب الشارع العام بعد ان مللنا من سكك الحاره , وكدنا بسبب تلك المغامره ان نفقد حياتنا لولا ستر الله .
سألت امي يوما لماذا ( عمر ) لديه العاب ودراجه وانا لأ ؟
قالت لي اذا نجحت يشتري لك ابوك مثلها , فطويت الموضوع ونسيته .

لم تخلو صداقتنا من بعض المشاكل , فقد دخل صديقي يوما في عراك مع احد ابناء الجيران , ودون ان اسأل عن السبب انتصرت لصديقي ونالني بعض الكدمات واتسخت ثيابي , الأمر الذي جعل امي تنهرني بشده عن مثل هذا , وحين قلت انه صديقي وهم يضربونه ؟ قالت وهل هوسيغسل ثيابك ؟
لم يكن هذا قصدها لكنها لاتريد لي ان ادخل معارك تعلم يقينا اني خاسرها بسبب بنيتي الضعيفه .
الكثير من الأحداث التي جرت مع صديقي لاتزال تحفظها الذاكره واغلبها نتيجة توافق في الميول , فهو هاديء ولو ان به بعض شقاوه , ابن اصل لايمن بعطيّه ولايلوم لخطأ , رغم صغرنا في ذاك الوقت الا اني بعد ان كبرت واشعلت شريط ذكرياتي عنه اجد ان تصرفاتنا يحاكي بعضها من هو اكبر من سنّــا .

وذاك الشبل من تيك الأسد , فوالديه يحبون الناس بلا غايه , واخص والدته بهذا فهي لاتسأل عن ابنها وتطمأن عليه متى علمت انه في بيتنا
بل اننا احيانا ننام في بيوت بعضنا ولم اكن افرق بين امي وامه .

والدته سيدة حنون ناصحة باستمرار اضافة الى حسن لاتخطئه العين , لم اشعر يوما انهم اغنياء في عرف تلك الايام رغم ماأراه من مظاهر الغنى ومقارنته بين محتوانا ومحتواهم , وبالمجمل تلك الايام لها رائحة الثقه والبراءه والطيبه .
وكالعاده دامت صداقتنا طوال سكنانا في ذلك الحي , وحتى بعد ان غادرناه لم انساهم وكنت ازعج امي بطلب زيارتهم فكانت تستجيب يوما وتمانع شهرا , ومرة جربت ان ازورهم وحدي , معتمدا على ماعلق بذهني من علامات بالشارع , وتحرك موكبي قرابة وقت المغرب , وفي منتصف الطريق اذا بالشمس تعلن الأنسحاب تاركة لمدينتي بدايات ستار الظلام , فتملّكني رعب وعندها احسست بعظم خطأي وقررت الاياب قبل الضياع , وشيئا فشيئا وعلى مهل كنت امام بيتنا فحمدت الله مقررا التوبه , وارتحت ان امي لم تشعر بقرار الهزيمه , بمرور الوقت اندمجت مع اصدقاء جدد في حي جديد .

http://www.up-aa.com/upfiles/AWy85790.bmp
هنا كنا نقيم ! لم يبق منه اليوم الا مساحة صغيره منسيّه من الأرض


http://www.up-aa.com/upfiles/3U085790.bmp
مدرسة تلك الفتره , مررت عليها يوما فوجدتها تشكي الخواء والضجر لاتسكنها سوى الحشرات والقطط السائبه


التقيكم مع صديقي المزعج دوما

سـعود 07-14-2011 02:27PM


[COLOR="RoyalBlue"]
بعض من عرفت ( الجزء الثاني )
(6)


ومن يك ذا فضــــــل فيبخل بفضـله على قومــــه يستغن عنه ويذمــم
لسان الفتى نصف ونصف فـــؤاده فلم يبق الا صورة اللـحم والــدم

زهير بن ابي سلمه


ناصر (صديقي المزعج)

في زمن ولّـى وانتهى وانقضى وبقيت شعلة ذكراه في الخاطر , كان لنا جيران من منطقة اخرى , لهم عادات تختلف بعض الشئء , هي اقرب للقريه المعروف اهلها وعددها واسرها , منها للمدينة المختلطه ذات الفسيفساء المتنافره .


اختارني او اخترته صديقا شبه ملازم ولعل الرؤيه الدائمه بحسب الجيره هي من اختارت , صديقي كثير السؤال كثير التعجب حين يرى شيئا او كلمه , لابد ان يفهم ولو كان شيئا معروفا او موضوعا لايستحق وتركه اومعرفته لاتزيد او تنقص علما !
حين اكون معه في السوق او الشارع , لايرى حادثا مروريا او مشادة بين اثنين الا وتراه السّباق الى غورها والمساهمة فيها !
وغالبا كنت اتركه بعد ان يأست من نصحه بأن اردب ماهو لك لاتحضر كيله تتعفر ذقنك وتتعب في شيله .
ثم يأتي ليسألني اين ذهبت ؟
ومع الوقت كنت لا أحرص على رؤيته واتجاهله حين اراه , لكنه يأتي الي راكضا وفي راسه الف فكره ومشروع تُنبي عن سذاجة وجهل , لكنه لم يتركني في حالي بل كان يأتي لزيارتي دون سبب سوى انه وجد نفسه ( فاضي ) ووصلت زياراته احيانا الى وقت متأخر اتهيأ فيه للنوم او اكون غير مستعد لأستقباله لأنشغالي بالأستماع الى برنامج في الأذاعه .
رغم ان بيتهم لايجاور بيتنا وبيننا وبينه مسافه ولاتواصل قوي بين اهلي واهله .. ومع ذلك فهو نابت عندي واصبحت من ضمن برنامجه اليومي المزعج .
اذكر يوما ان زارني وسأل فقالت له امي انني في السطح اركب ( اريل ) التلفزيون .وكنت فرحا ومستعجلا كي اتفرج فقد اصبح لدينا تلفزيون ملون
وثب ناصر السلم وثبا , واستغرب حين رآني اضع الاريل في اعلا مكان ليلتقط الأرسال وقال بلغة العارف : كذا الناس بتشوفه ويعرفون ان عندكم تلفزيون ؟!
قلت واذا عرفوا ؟ وين المشكله؟
قال بعدين يحسدونكم؟
قلت ساخرا خليهم يحسدون ولاتنسى تحسد معهم ؟
وبقي كم يوم وهو يعبر عن ضيقه من وضع الأريل وليس له ( سالفه ) الا هذا الموضوع ؟
وكم حاولت الخلاص من معرفته دون جدوى , فالمرء قد يحتمل غبيا لكن لايمكن الصبر على احمق .
في رمضان كان يأتي احيانا عند الغروب ليأخذني معه الى المسجد للأفطار معا , ويغريني بأن آل فلان اليوم جايبين افطار حلو !
لكني اعتذر منه بأني تعودت الافطار مع امي ولابد ان اعدّ لها القهوة بنفسي , لكن ( تكلم وتقنع مين؟ ) يصرّ ويمسك بيدي !
فأجعله يسبقني وسوف الحق به , فيذكّرني بأنه سيحجز لي مكان ولن يأكل حتى احضر ؟ فأوافقه للخلاص منه ؟ سبحان الله , وهل في رمضان من لايبدأ الأفطار بعد المدفع ! وفي مكان عام ؟


هذا جاري الذي اعتقدته صديقا يمكن ان يشاركني افكاري وطموحاتي , للأسف لايعرف من امره الا التطفل , لكني اجد له عذرا فهو يأخذ الأمور بحسن نيّه وهذه حدود معرفته وتربيته ومحيط اسرته , لاأنكر بياض قلبه لكنه كالأسد الذي قتل صاحبه بحجة القضاء على ذبابة وقعت على وجهه .
كثيرة تلك الأحداث معه ولم يكن له صديق في ذاك الحي سواي فلم يكن احد من ابناء الجيران يطيقه , وقد قالت لي امي يوما حين شكوت اليها تصرفاته ولقافته ضحكت وقالت ( شوف انت وش مسوّي بدنياك وربي عاقبك )!
بسببه دعوت الله ان يستمر مسلسل تنقلات اهلي , واحسست اننا جلسنا في ذاك الحي اكثر مما يجب ؟
وحين غادرنا وبعد اشهر من انتقالنا تذكرته , لاأنكر اني اشتقت اليه .


http://www.alqawafl.com/up/uploads/i...dac1104af1.jpg
والله زمان
كان الشارع ترابي وعداد الكهرباء صغير بمدخل البيت



(*( القادم اُمــي )*)

سـعود 08-05-2011 10:03PM


كُلّ من عرفت ( الجزء الثاني )
( 7 )


ذات ليله انا والاوراق والاقلام كنّا في عناق نقطع الازمان والابعاد وثباً في اشتياق
والنهايات السعيده لم تكن عني بعيده هبّت الريح وهزّت في عناد بابيه
اطفئت امن حياتي اطفأت مصباحيه لم اجد نارا لديّا لم اجد في البيت شيّا
غير ام هي لاتملك الا الدعوات واب لم يبقي غيري للسنين الباقيات
مرسي جميل عزيز

http://www.n11s.net/uploads/images/n...85787ceb55.jpg


امي الغاليــه :
لاأدري من اين ابدأ فالخيوط كثيره ومن اكتب عنها اعز الناس , سأبدأ من البدايه كمدخل لحكاية العمر , ميلادها كان 1925م توفيت صغيره 1986م ستون عاما لكنها يوم اختارها خالقها لتكون جواره كأنها في التسعين !
اخذ منها المرض اشواطا وهزم نبض الحياة فيها فأجلسها على فراش السُّـقم عشرون عاما , وقبل فراقها لم تكن تتحرك الا بمساعده , شدّ منها اسباب الحياة شيئا فشيئا حتى وصلت الى انفاس تتردد . لاأعرف اسباب مرضها ولم اكن افكر في هذا الأمر ماكنت ارجوه شفاؤها لتتحرك كبقية النساء , كنت أاسف لحالها كثيرا , لكني كنت فتى نشطا قويا رغم هزالي
كنت اكبر ابناؤها وفارق السن بيني وبين اخوتي لم يكن قليلا ولم يكن كثيرا , توليت مرغما بعض المهام المنزليه التي ليست من اختصاص الرجل , لكني لم ارى فيها غضاضة , فمنحني الله رضاَ وألبسني حيوية لم تكن تهدأ الى حين يلامس رأسي صفحة مخدتي .
من الصفحات والصفات التي اذكرها عنها بكل فخار وحب وشوق اليها , انها كانت امرأة قويه لاتخشى في الحق ولا تجامل , لازلت اذكر ذاك الشعاع في عينيها حين تتصدق من مالها القليل او ترفع مظلمة عن احد او حتى تسمع خبرا طيبا عن مسكين , لذلك كل من عرفها يحبها ويدعو لها , كانت تقسو علي حين تكتشف امرا فعلته ولايعجبها ,اذكرمنها حين اعتقدت يوما اني ادخن فقد كنت جالسا رفقة بعض ابناء الجيران في زاوية قرب دكان الحاره وأحدهم يجلس جواري وبيده ( دخان ) فانطبعت الرائحة على ملابسي ... وحين عودتي دنوت اقبّل رأس امي ولم اشعر الا ويدها الواهنة تصفعني على وجهي وهي تصيح وتقول :
( تشرب دخان ياسعود ؟ ... هذي تاليتها ؟) وبكيت ,, لم ابكِ من الصفعه بكيت لأجلها وحلفت ان هذا لم يحدث ابدا ( وفتشيني ) وحين هدأت واظنها اقتنعت بكلامي ... لأنها عادت تمسح على رأسي وهي تقول ( انا عارفتك وانا أمك انك ماتحب الشين لكن لاعمرك تقعد مع هالدشير ) جاوبتها ( ان شالله ) ووفيت بوعدي حتى اني لاألقي السلام عليهم عند رؤيتهم ( كفاني الم حبيبتي بسببهم ) وكنت احيانا اسمع منهم بعض الكلمات وانا في طريقي احتجاجا على تصرفي هذا مثل قول احدهم : ورا ماتسلّم ؟ شايفن نفسك يالشّين .
قالت لي عصر يوم ونحن وحدنا : وش رايك ياولدي انا ودي اشوف عيالك قبل لاأموت , هزتني كلماتها , والحقيقه لم افكر في هذا ألأمر بل لم يخطر على بالي , واصلت تقول : بنت ولد عمك (ن) يمدحونها وش رايك ؟
قلت لكنهم في الكويت وماأعتقد يقبلون , اوضاعهم تختلف عنّا ,,, قالت ( نعسّهم ونشوف ) أي نجُسّ نبضهم .
جهزتني ببعض الهدايا البسيطه من اشياء لاتوجد عندهم واعطاني والدي مايكفي امر سفري , وارتحلت اليهم وقضيت بين ظهرانيهم اسبوع كانوا فيه كرماء وطيبين وقاموا بكل متطلبات الضيافه .
بعد رؤيتي للفتاه وعودتي اعلنت موافقتي , قكتبت لهم امي رسالة طلبت فيها يد البنت , لكنهم لم يردوا على الرساله الى اليوم , ثم طاف هادم اللذات عليهم وعلينا فيما بعد .
لكني علمت بعد سنين طوال ان الخطاب وصلهم واخفوا ذكره , ولعل امها لم ترغب في بُعد ابنتها عنها اوان تكون زوجة وممرضه او لسبب آخر الله اعلم .
ونسيت امر الزواج كم سنه لكنه في النهاية قدر مكتوب وكأس الكل يتذوقه , لكن ماآلمني ان امي لم تنعم بأبنائي كما يجب , رحلت وابنتي في السابعه من عمرها .
كانت فرِحة بها وهي من اطلقت عليها اسمها , تناديها دوما لتحكي لها الحكايات وتفرح لطريقة الطفله في الحديث
بقيت والدتي تفيق وتغفو , إن فاقت يلهج لسانها بذكر الله والدعاء لنا , وحين تغفو لاندري اجاءها الأجل ام لازالت , وكانت انفاسها الضعيفه هي دليلنا .
لاشك ان هذا ترك اثره علي فأصبحت دمعتي قريبه احب الحيوانات الأليفه وارحمها واجلب لها ألأكل واذكر يوما وانا في طريقي الى مقر عملي أن رايت كلبا واقعا منتصف الشارع يحاول النهوض فيعجز ,صدمه احدهم وتركه ومن حسن حظه ان الضربه لم تقتله , اوقفت سيارتي وحملت الكلب واودعته الرصيف ثم واصلت طريقي .
بقيت والدتي وقُرّة عيني تراوح بين المشفى والمنزل , لاتكاد تستقر حتى تعود , واخيرا اعلنها الطبيب برأس منكسه , أنْ لاأمل .
كنت ارتعب في عملي حين يقال لي تلفون من برا ... وكثر شرود ذهني تلك الايام
منتصف عام 1986م غادرتنا ست الحبايب بهدوء بعد رحلة آلام لم تكن تهدأ حتى تعود , لم نهنأ في كبرنا بالأم كالآخرون , التحفت الكآبة والهدوء والرتابه منزلنا زمنا لااعرف له مدد , لكنها ارادة الله , رضينا بها واحتسبنا الأجر , ولاغالب الا الله .



اِنّ عيني بهـا احقُ من الموت وقلبي بها من القبرِ اوْلــــى
علي محمود طه


القادم زميلي في المعهد والوظيفه

سـعود 08-11-2011 03:12AM


بعضُ من عرفتْ(8)


يتمركس بعض الايام يتمسلم بعض الايام
ويصــاحب كل الحــكام و بسطعشر ملّــه

احمد فؤاد نجم

عثمــان ( زميلي في المعهد والوظيفه )

عرفته ضمن كوكبة من الطلبه تزاملنا جميعا في معهد فني التحقت به بعد رحلة الدراسه ليؤهلني لوظيفة اعتاش منها , مدة الدراسه سنه ونصف والتخصص الذي اخترته في مجال الطباعه , وهو تخصص مطلوب
زميلي هذا جاء من جنوب الجزيرة العربيه , تنقل في اكثر من مدينه قبل ان يستقر في الرياض ويدخل المعهد في نفس دورتي , وفيه بدا تعارفنا كرفقاء تخصص وفصل , واثناء تواجدنا في رحلة الدراسه لم يكن لي به احتكاك اكثر مايتطلبه رفقة مكان ووقت , فلم يكن في شخصيته وطباعه مايحفّز على اكثر من ذلك , ولم اكن وحدي في هذا فقد لاحظت ان اغلب الطلبه لايجالسوه , في طبعه شيء من الغموض وحين يتحدث فأسلوبه استعراضي يبعث على الأشمئزاز , لذلك اجتنبه الطلبه وتوجسوه .
بعد رحلة الدراسه , اخذت راحة شهر ابحث فيها عن الجهة التي تناسبني وكانت الجهات في حينها كثيره وكل شيء متوفر , لذلك منحت نفسي بعض الدلع الأختياري , وانتهى بي المطاف الى وظيفة مدنيه في احدى الجهات الحكوميه التي تقبل تخصصي , وبعد ان باشرت وظيفتي , فوجئت به امامي فقد التحق بالوظيفه قبل مجيئي !
ومالم اهتم به في الدراسه فرضته علي ظروف العمل .

خلال سنوات طويله من الزماله الوظيفيه عرفته اكثر من مواقف عديده وحوارات كثيره بيني وبينه او مع بقية الزملاء , لديه احساس داخلي بالغربه , وكأنه ليس من وطن واحد انتقل من مدينة لأخرى , فهو دائم الشك في الناس , طريقته في التعامل ميكافيليه فالغاية عنده تبرر الوسيله وفي سبيل الوصول الى غايته لامانع عنده ان يعمل اي شيء للوصول الى هدفه حتى لو كان على حساب الغير !
يميل بحسب اتجاه الريح , يتلون بحسب المجموعة التي يكون معها , فإن رآهم يميلون الى الغناء تراه يغني ويحفظ ويسابقهم المعرفه في هذا كي لايكون بحسب اعتقاده اقل منهم او غريبا عنهم !
وحين تدور الايام وتفرض الظروف هدفا آخر عن طريق الدين , يطيل اللحية ويسابق الجميع للمسجد! يتصيد اخطاء الآخرين كي يتمكن منهم ويستخرج مايبتغيه من خلال مايراه قد امسكه عليهم من مستند او معلومه يساوم عليها ؟!

ورغم طول سنين الزماله الوظيفيه لم ارَ له صديق او حبيب , الكثير تصادم معه واختلف معه بل وكره وجوده في نفس مكان تواجده, لكنها ظروف العمل احيانا تفرض عليك من لا تطيقه او ترتاح له ؟! فلا اذكر له موقفا طيبا معي او مع سواي , كان يجيد لعبة الدسائس والمؤامرات ويغتاض من نجاحات الأخرين , مليء بالتناقضات فلا تعرف له بداية او نهايه , والخير في البعد عنه وهجر معرفته .
دامت زمالتنا طوال زمن الوظيفه اكثر من ثلاثة عقود حتى تقاعدت برغبتي , وطويت واحدة من صفحات حياتي مع واحد ممن عرفتهم لاأذكر منه الا كل امر قبيح .



القادم ((*( أبـــيْ ))*)



سـعود 09-19-2011 11:57PM

كُـلّ من عرفت

الجزء الثاني
(9)

والــــدي :
حين ابصرت النور كان عمر والدي خمس وخمسون عاما , لم تكن والدتي هي الأولى فقد سبق له زيجات رزق منها بولد هو الأكبر بيننا غير الشقيق خلاف من ماتوا صغارا , كان ميلاد ابي عام 1900/1318هـ
ابي من الرعيل الأول الذين لم تتح لهم ظروف المعيشه الصعبه وبؤس الحال من الأنخراط في العلم الا ماتيسر كي يستطيع قراءة القرآن , الدين عنده في المقام الأول وماعداه من امور الدنيا هو امر مساعد للعيش بكرامه .
عانى كثيرا رحمه الله في الكد من اجل توفير لقمة العيش لأسرته , وكان آخرها وظيفة متواضعه في مسجد الرياض الكبير , موقوفة على الأهتمام ببعض الأعمال البسيطه في المسجد لعل المرهق فيها امران , الأمر الأول انه يجب ان يتواجد مرتين في اليوم رغم بُعد السكن كي يفتح او يغلق ابواب وانوار معينه , والثاني ان يقوم بفرش السجاد في الصفين الأولين ويطويها كل يوم جمعه بمساعدة بعض رفاقه بالمسجد .
كان هذا الأمر شاقا عليه مرهقا ولم يكن بيده الممانعه , ومع ذلك كان مايتقاضاه لقاء عمله لايكاد يفي بمتطلبات الأسره , لكنه كان راضيا محتسبا معتبرا ان خدمة بيوت الله فيها من الأجر مالايعادله أي مردود دنيوي , الا انه بعد سنوات طويله من هذه الخدمه , بدأ تأثير ذلك عليه , فأصابه ماأصابه من علل جسمانيه ليموت في النهاية في غرفة العمليات في منتصف عام 1980/1400هـ .

لاأذكر عن والدي الا كل خير , كان رجلا بسيطا قانعا لايهمه من امر اسرته سوى القرب من الله في القول والفعل , يمضي نهاره في قراءة القرآن والتسبيح وليله في الصلاة والدعاء , عشنا جميعا في كنفه مرتضين بما قسمه الله لنا على يديه , وحين تقدم به العمر كنت انوب عنه في عمله البسيط شهور الأجازة الصيفيه .
تعلمت منه الكثير من الصفات الجميله , الأحساس بمسؤلية الأسره وعدم تأجيل ماتستطيع فعله اليوم لهم والرضا بواقع الحال وعدم النظر لما في ايدي الناس , حسن الظن بالناس , وان رزق الله آت وان طال امده وان المرء من غير دين وقرب من الله هو مضيعة للعمر .
رحمه الله كان بسيطا في كل امره , افتقدته وانا في منتصف العشرين من عمري , واحسست ان فراقه ترك فراغا اسريا ومكان في النفس لايعوضه مال الدنيا , وجود الوالدين في حياة المرء ليست للصرف او التوجيه او التأنيب او خلافه من العلاقات الأنسانية فقط , وجودهما له مذاق خاص يصل الى درجة الحياة نفسها , وفقدهما هو انكسار للأبناء مهما كبروا او تعلموا او تزوجوا او استقلوا , جميعنا نبقى في وجود ابوينا اطفالا مهما كبرنا نشعر بهم السند والحظن ورائحة المسك ونغمات الكلام , انكسر ظهري بفقدي والدي , وما كدت ابدأ في رصف مكعبات قلبي الباكي حتى عاود ظهري انكساره وبشده بعد ان فقدت ست الحبايب , غاب عني بفقدهما ذاك الدعاء الذي اعتبرته زادي وفنار طريقي في لجج الحياة القاسيه , كانا لي مكابح عن الخطأ وكنت احسب لغضبهما الف حساب رغم قدرتي على الأستقلال الا اني كنت استمتع برضاهما كلما وجدت انهما ابعداني في كل مره عن الزلل بكل انواعه .
رحمهما الله ورزقني توبـة ورضا اختم بهما حياتي بعدهما .



http://www.n11s.net/uploads/images/n...9927904e2b.bmp
هناك كانت البدايه في المنزل المقابل

القادم ( شريكي في حب الموسيقار )




عابر سبيل 09-20-2011 01:00AM


اخي الكريم

الكاتب والإعلامي المميز

سعود

استمتعت بما قرأته لبعض من ذكرياتك الماضية بمن عرفت

وسأتابع حتى النهاية

واصل المسيرة ياكبير

وهناك سؤال يتبادر الى ذهني كلما ذكرت الموسيقار . فريد الأطرش

وعشقك القوي الى فنه . وهو بلا شك من جيل العمالقة وله معجبين كثر في الوطن العربي.

اين هم .. موسيقار الأجيال . محمد عبد الوهاب . كوكب الشرق . أم كلثوم . فيروز . من ذاءقتك الفنية ؟!


دمت بفرح وسرور

سـعود 09-20-2011 01:47AM

اهلا بك اخي واشكر لك حسن رأيك وحلقك الكريم

سألتني وسأجيبك :

عندي مكتبه موسيقيه ضخمه تضم من ذكرتهم وسواهم من الكبار منها النادر ومنها المشاع

اضافة الى عيون السنفونيات العالميه ...

والأتسان ياسيدي ينتخب مايقرأ وما يسمع , تم جمغ هذه المكتبه في سنوات من البحث والسفر والصداقات ,,,

للأسف بعد ان هان البحث وسهل على مريديه بسبب ثورة الأتصالات اتجه الجيل الحالي الى الغث
وفقد الفن الأصيل رواده .
تحياتي


http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=27203

http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=26884

عابر سبيل 09-20-2011 02:36AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سـعود (المشاركة 361362)
اهلا بك اخي واشكر لك حسن رأيك وحلقك الكريم

سألتني وسأجيبك :

عندي مكتبه موسيقيه ضخمه تضم من ذكرتهم وسواهم من الكبار منها النادر ومنها المشاع

اضافة الى عيون السنفونيات العالميه ...

والأتسان ياسيدي ينتخب مايقرأ وما يسمع , تم جمغ هذه المكتبه في سنوات من البحث والسفر والصداقات ,,,

للأسف بعد ان هان البحث وسهل على مريديه بسبب ثورة الأتصالات اتجه الجيل الحالي الى الغث
وفقد الفن الأصيل رواده .
تحياتي


http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=27203

http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=26884

اخي الكريم

سعود

يبدو اننا شطحنا قليلاً عن صلب الموضوع والذي يحكي عن ذكرياتك بمن عرفت

بما انك تمتلك هذه المكتبة الضخمة من الأغاني كما ذكرت .

اين انت من منتدى ... سماعي . للطرب الشرقي الأصيل ؟

سـعود 09-20-2011 03:26PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عابر سبيل (المشاركة 361367)
اخي الكريم

سعود

يبدو اننا شطحنا قليلاً عن صلب الموضوع والذي يحكي عن ذكرياتك بمن عرفت

بما انك تمتلك هذه المكتبة الضخمة من الأغاني كما ذكرت .

اين انت من منتدى ... سماعي . للطرب الشرقي الأصيل ؟


لابأس اخي في الحوار طالما فيه اثراء للموضوع :

اخـــي / اعرف هذا المنتدى وقد تجولت فيه ولم اجد ماأضيفه بحسب ماأرغب سماعه وكما قلت ان المرء ينتخب مايسمع بحسب ميله , وبالنسبة لفريد فقد انشأت له موقعا متخصصا , وللأسف ان بعض نوادري نقلت الى هناك حتى دون الاشارة للمصدر ! وهذه مشكلة الأنترنت فلارقابة ولاحقوق ؟
وقد سبق لي في سنوات سابقه ان قمت بإعداد وتقديم بعض البرامج الأدبيه والفنيه لإذاعة الرياض قدمت من خلالها بالكلمة والنغم بعضا مما تحويه مكتبتي المنزليه , الا اني توقفت بعد ان رأيت ان الأذاعه يديرها موظفين والويل للفن والابداع اذا تولى امره موظفين .
اشكر لك هذا التواصل الجميل .

سـعود 09-24-2011 11:32AM


بعض من عرفت

الجزء الثاني
(10)




طلعت ( شريكي في حب الموسيقار )

التقيت في مشوار حياتي الفريدي الكثير من الأصدقاء , تختلف درجة حبهم ومعرفتهم لفن موسيقار الأزمان , الى ان جاء عصر الأنترنت ومافيه من عجائب لاتحوي محاسنه المجلدات , منها ان توسعت دائرة معارفي واصدقاء نغمي بفن هذا الموسيقي الاسطوره .
تنقلت كثيرا في بداياتي عهدي مع الأنترنت , بحثا عن نوادر لم يسعفني البحث العادي ولا مجاميع الاصدقاء من الفوز بها , حصلت على القليل واهديت الكثير , ليس مديحا لشخصي الضعيف بقدر ماهي حقائق استحق معها منح نفسي جائزة الرضا بعد ان عزّت الجوائز في عصر المصالح والأنانيه .
طرقت في بحثي احد المواقع , فإذا بي اجد رسالة من صديق يطلب اضافتي للتعارف .
لبيت طلبه وفتحت له باب المعرفه , فوجدت امامي انسانا محبا لفن الموسيقار يسابقني المعرفة عنه كأنسان ونغم , فرحت به وتحاورنا طويلا في هذا المجال , وتلاقت مشاربنا وامنياتنا ورغباتنا في فتح باب لفن الموسيقار من خلال موقع يجمعنا ننشر من خلاله فنه , ونطرح اعماله اللحنيه وتاريخه كأنسان , فنصحح المعلومه وننشر نادر انغامه , دون منّة او فضل .
لم يكن لنا من دافع سوى الحب , حب هذا الفنان الذي رأينا من وجهة نظرنا انه لم يأخذ مكانته التي يستحقها خاصة اعلاميا , فكان لنا ماأردنا , وتم انشاء الموقع رغم الصعوبات ورغم ماواجهناه من بعض النفوس الحاسده والمريضه , التي يهمها بالدرجة الأولى ان تأخذ مقابل ماتعطي , وكنا نعلم انه ستواجهنا مصاعب وتثبيط , لكننا لم نلتفت لحفر الطريق واضعين نصب اعيننا الهدف السامي الذي من اجله تشابكت ايدينا واتحدت نوايانا .
وضعنا الخطوط الرئيسيه للموقع وكنّا شعراء يضع هو بيتا فأكمله والعكس , حتى تم المراد , وشيئا فشيئا اتضحت هوية الموقع وشكله , وجمع بين جوانبه رفقاء نعتز بهم شاركونا همومنا ودعمونا بما لديهم , وناصحونا واشاروا بما يخدم فن وتاريخ الموسيقار الخالد .
وإن تطاول البنيان وزانته الشرفات , الا ان الأساس يبقى محفوظا لصاحبه , الذي بدأها فكرة واتمها بعمل , واحتوى الجميع بطيب خلقه ودماثته وايثاره الجميع دون غايه ,التقيته شخصيا في عدة سفرات فلمست في شخصيته ترجمة لطيب حواراته بالفعل الطيب وبشاشة النفس و شهادتي فيه كإنسان مجروحه .

احفظ له مهما تقادمت الأيام وتزاحمت الأحداث جهده النبيل , وحرصه على بقاء هذا المنبر ينهل منه كل من عانق احساسنا بفن موسيقار الأزمــان , ولازالت الخُطى تسير في هذا الأتجاه والأيادي ممدودة للجميع بكل حب لتحقيق اقصى مايمكن خدمة لهذا المارد .
ويبقى الهدف الجميل لايتبدل مهما تغيرت الظروف , ورب اخ لم تلده امك , اتمنى له الخير دوما وتحقيق مايصبو اليه .


القادم ( صديقي الذي خطبني لأخته )

سـعود 10-28-2011 06:42PM


بعض من عرفت

الجزء الثانــي

( 11 )



صديقي الذي خطبني لأخته !

في سن مبكره كان لنا جيران من وطن عربي لايبعد كثيرا على الخريطه , اسرتهم تتكون من والديهم وثلاث بنات وولدين , بكرهم ولد , يرافق والده لعملهم الحرفي ولانراهم كثيرا , الأخت الكبرى صحبتهم فترة ثم تزوجت وغادرت الى موطنهم , وبقيت الأختان ورفيقي اخوهم الأصغر الذي جاء خاتمة المواليد , هذه بطاقتهم العائليه .

ربطت اسباب الجيرة بينهم وبين اهلي وكانوا اسرة جميله ودوده ولم يضايق والدتي منهم سوى تساهلهم في بعض الأمور التي تخالف بعض عاداتنا , وهي من منظور هذه الأيام امور لاتكاد تذكر , لكن ذاك زمن وهذا زمن , ابنهم الأصغر كان ضمن كوكبة رفقاء الجيره لاأذكر اسمه اليوم هل كان غسان او عدنان ؟ لاأذكر ! اسم في نهايته نان وبس .

كانت فترة الصبا مزحومة بالحركة والأماني والأفكار والعفرته , وكان رفيقي صنو عمري , رفقة جيرة ومدرسه , اذكر ان امه كانت تحشو حقيبته بألوان الساندوتشات التي يأكلون حشوتها ويجيدون التعامل معها واتساءل دائما عن تلك البرطمانات المصفوفة في مطبخهم الشعبي المتواضع , ولاأعرف ماتحتوي ولا كيف يعملوها , بينما كانت مأكولاتي احيانا لفافة من خبز شعبي محشو بالتمر او حلاوة الطحينيه إن وجدت .

كان رفيقي يأتي مساء يتأبط اوراقه وتشاكيله و يسامرني في فناء منزلنا فنتبارى في الرسم واحيانا قليله المذاكره , ولايغادر الا حين تأتي احدى اخواته حين تستبطئه امه , فيرافقها على غير رغبته .

وقد اشتكى اليّ مرات عديده عن وحدته فأخاه لايتواجد الا قليلا واخواته لايرغبانه في حديثهن وجلوسهن , ووصل به الأمر ان عرض عليّ تزويجي بإحداهن كي يبقى في بيتنا دوما , كانت افكار صبي لم يتجاوز الرابعة عشره من عمره لكنها لم تكن واردة في ذهني وانا قرين عمره , وبالتأكيد لو سمعتنا امي لضحكت واستهجنت هذا التفكير , وهو بعرضه هذا لايعلن عن حبه لي او لأخته انما ارادها سبيلا لتحقيق غايه , وعرض علي الفكرة مرارا !

لكني والفكرة الطائشة قد قيلت اخذت بعدها اطيل النظر في وجوه اخواته واصدر احكامي الصبيانيه على تفاصيل وجوههن فأقبل في نفسي يوما بهذه ثم استبدلها غدا بالأخرى , وهكذا كنت ازوّج نفسي واطلق براحتي , والحقيقة ان الفتاتين لايعيبهما خلقا او خلقه , وكانت الأمور جاده حين يتصادف بيننا حوار او سؤال , لكنه تفكير الانسان الفاضي الساعي لكل امر جديد , ايام اسدل الزمن ستاره عليها ولم يبق منها الا قليل من حدث ينبش الذكرى لأحكيه كما انا اليوم في هذه السطور .


ذكريات رسخت في ادمعي وشجوني وتمشّت في دمايا


القادم (( ابن عمي ))


زمان العجايب 11-25-2011 05:58PM

متابعة لـك ي نبل:r:

عابر سبيل 11-29-2011 03:33AM




دايمن معاك .. دايمن

وراك وراك .. دايمن

اتبع خطاك .. دايمن


اخي الكريم ... سعود

لك حضور مبهر

سـعود 12-02-2011 02:07PM


بعض من عرفت

الجزء الثاني

(12)


خذ ما صفا لك فالحياة غرور والدهر يعدل تارة ويجور

علي ( ابن عمي )

واحد من ابناء عمومتي المنتشرين بين الرياض والكويت , لماذا هو دونهم اروي حكايتي معه ؟ لأن بيننا صداقة وتقارب خلاف مسألة القُـربى , توفي والده في سن مبكره , يفرق بين عمرينا بضع سنين , هو الأكبر , والده واحد من اثنين من اعمامي الذين وعيت عليهم , لكنه غادرنا باكرا مهموما عصر يوم من ايام رمضان صائما يرتجي رحمة ربه ورضوانه بعد ان طاله ظلم ذوي القُربى والإهمــال , فمات صامتا قانعا بحكم الله وحكمته .
عاش ابن عمي بعده قليل الحظ موزّع الإهتمامت والنشاطات , لايكاد التوفيق يحالفه في امر !
لاأدري ولاأريد ظُلمه فهو حين وفاة ابوه كان صبيا لايعي من امر البشر ذوي اللُبّ مايستحق عليه لومـه , لكنه بالمجمل كان مقصرا جدا في برّ ابوه , وحين استعيد شريط حياتهما معا مما عايشته اراه اساء اليه بتقصيره , في وقت كان فيه احوج الناس اليه .
طافت بنا السنون سريعا وتجاوزنا الصبا الى الرجولة , وهو يحفر في الأرض ليستقيم حاله دون نتيجة ينهض من خلالها من بساطة الحال على اغلب من هو بمثل اوضاعنا , وكانت الأمور تأتي اليه متأخرة وبطيئه وليست كما يشتهيها المرء نتيجة زرعه , تكالبت عليه الدنيا في احدى الفترات وكنت له عونا بما استطيع , لكنه كغيره من البشر ممن عرفت ويعرف سواي , حريص على حقوقه ناسيا حقوق الآخرين , فالمرء يعذر اخاه عن جهل او نقص خبرة ودرايه , لكن الثوابت في العلاقات الإنسانيه بديهية لاتحتاج الى شهادة ومعلّم , فهي تنبت في الإنسان منذ الصغر وتكبر معه يحكمها الرغبة والقُدره .
حاول التقارب معنا اكثر بالنسب لكن حالت الظروف دون ذلك لأمر لايد لي او له فيه لكنه تزوج فيما بعد , وابتعدت الرؤيا بيننا واصبح التواصل هاتفيا بيننا بفترات متباعده , رغم ان مدينة واحده تحوينا جميعا , لاأنكر عليه جميل مجلسه وحواره , لكنها لاتعفي في كثير من شأن الحياة عن المواقف الطيبه .
لايزال يعيش كما عهدته , تغلب مصلحته على واجباته .

القادمـه ( نائله الدمشقيه )

خلف العاطفي 12-09-2011 12:10AM

سعود
رويات تستحق ان ترى النوور
ولازلنا ننتظر(نائلة الدمشقيه)
ان لم تكن في موضوع مستقل



كاتب باسلوب واقعي متميز
يعطيك العافيه يالغالي

سـعود 12-15-2011 03:26PM

اشكركم جميعا ... والتواصل يأتي تباعا بعون الله

كل التحايا

سـعود 12-23-2011 07:56PM


بعض من عرفت
الجزء الثاني
(13)




نائله الدمشقيه
في ضُحـى احد الأيام عزمت امري وذهبت لأبتاع بعض ماأحتاج اليه من لباس وعطور , فقد كنت ارتب اموري للسفر .
في السوق وبعد تجوال امتعني فأنا احب الوحدة في الشراء والتسوق بعيدا عن زحمة البشر , والصباح قليل المتسوقين , له نكهة تشجع حتى على التسكع دون التبضّع , لذلك لم اكن في عجلة من امري , وتركت خطواتي تذرع السوق بحريّـه وناظريّ يتلصصان على كل ماهو مركون امام المحلات وداخلها .
ناداني احدهم بإسمــي فالتفت لأرى الهاتف , فإذا به يشير الي بيده , عُدتُ وحين دنوت عرفته , صديق قديم ضاع في زحمة الحياه , تصافحنا وهو يسأل إن كنت عرفته ؟ فأجبت ـ الصوره اذكرها لكن الإسم فقدته !
فذكّرني بنفسه , ولم آخذ وقتا في استذكاره , فقد كان زميل درس في زمن مضى , سحبني من يدي الى داخل متجره الصغير وهو يزداد ترحيبا وحسرة على ايام الدراسه الجميله , كانت جميلة له اما انا فقد كان الفكاك منها عيدا , اجلسني وهو يقول هذا دكاني وكما ترى انا متخصص في بيع انواع الماكياج والعطور , ثم استأذن دقائق ليجلب الشاي من البوفيه القريب , ولم يترك لي فرصة الأعتذار , دكانه صغير لكنه انيق وكأنه لوحه جميله برفوفه المرصوص عليها انواع العطور التي يحتار الرجل فيها فما بالك بالنواعم !



وانا في جلستي رفق برودة التكييف , اسخنها دخول امرأة , القت التحيه واخذت تجوب المكان بنظرها ثم اشارت الى نوع من اصباغ الشعر تطلب رؤيته عن قرب , نهضت من مجلسي وناولتها اياه , فسألت عن ثمنه , اعتذرت اني ضيف وعليها ان تنتظر صاحب المحل دقائق .
وانتبهت ان السعر موجود على العلبه , لكني رفضت التدخل فأنا لاأفهم في البيع والشراء وعليها الانتظار او تذهب وتعاود , لكنها فضلت الأنتظار , فأحببت فضولا مني او رحمة بها لا أدري ان اسألها مستفسرا : لماذا تصبغين شعرك ؟ الشعر بطبيعته اجمل والأصباغ بها مواد كيماويه قد تضر بفروة الرأس .
فأجابت ان كلامي صحيح لكنها تحب التغيير في الوان الشعر لأن لونه يجعل من شكل المرأة مختلفا , هززت رأسي موافقا .
لكنها قالت بلهجتها الشاميه : كأنوا الحكي ماعجبك ؟


قلت لها هذه مسأله شخصيه , انا قلت وجهة نظري فقط .
وبينما كان الحديث بيننا والذي يبدو انه سيطول وانها امرأة تعيش صمت وتبحث عن وسيلة للكلام .
جاء رفيقي بكاسات الشاي الورقيه , واعاد ترحيبه وهو ينظر للمرأة مرحبا بها عارضا خدماته , وانتحى بها جانبا بجوار فترينة العرض واخذ يمارس طريقته كبائع شاطر , حيث ملأ سطح الفترينه بموديلات الأصباغ شارحا ومحببا ميزاتها وطول بقاءها في الشعر ... الخ
ثم استقرت المرأة على نوع اعجبها وزادت عليه مشتروات اخرى , وحين جاء وقت الحساب , استكثرت قيمتها , فالتفتت تستنجد بي ان اجعله يخفض لها ؟
ماذا اقول ؟
هو صديق لم اره منذ سنين , وهي امرأة اراني ضعيفا امامها وامام كل بنات حواء , فماذا اقول ؟
لكني اجبت : لازم تراعيها هذي زبونه واول مره تدخل محلك ؟
قال لي وهو يبتسم : هذه زبونه مستديمه لكنها تتعبني في الاسعار .
ودفعت المرأة ماأرضاها وارضاه مرغما , ولملمت اشياءها وخرجت شاكره .
ثم امسك رفيقي طرف الحديث وهو يقول النساء مرهقات في عملية البيع لكن رزقهم كثير , وتجاذبنا الحديث حول مدرستنا وسنين الفرقه , ثم استأذنت كي ابتاع ماأنتويت شراءه , على وعد بتكرار الزياره .
ودلفت اكثر من محل واشتريت مارأيته مناسبا , ثم اتجهت الى سيارتي المركونة جوار رصيف الشارع ليس ببعيد عن السوق , وحين اقتربت من السياره كانت تقف تلك المرأة تنتظر سيارة اجره , التفت عليها وسألت : اذا كان منزلك على طريقي تفضلي اوصلك .
وكأنها لم تصدق ذاك العرض , بينما كنت انتظر سماع اعتذارها , فأخبرتني بمكان سكناها , قلت انه ليس ببعيد عن سكني , تفضلي .
ركبت في المقعد الخلفي , وتحركت متوجها الى حيث سكنها الذي يسبق سكني بمسافه , واثناء ذلك المشوار اليتيم تحدثت عن الأسعار والأوضاع , عرفت انها من دمشق ومتزوجه وتعمل موظفة اداريه في احد المدارس الخاصه , ثم سألتني رغبتها في الأنتقال الى مدرسة حكوميه ؟ إن كنت اعرف احدا يساعدها في ذلك ؟
ولم اكن اعرف احدا , لكني اعطيتها امل لعل وعسى !
اوصلتها لمنزلها , وناولتني وهي تترجل من السياره , ورقة بإسمها وتلفون المنزل .
وانا في الطريق لبيتي مزقت الورقه ورميتها , فلن استطيع الألتزام بأمر لا أستطيعه .
بعد سنوات ... ربما لاتزال تنتظر الإتصال !

http://www.n11s.net/uploads/images/n...0afc2518f9.gif



القــــادم ( ؟ ؟ )

الجزء الأولـــ
http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=26884



سـعود 05-13-2012 08:48AM

بعض من عرفت
الجزء الثاني
(14)



لم يغزُ قوما ولم ينهض الى بلدٍ تَقَدّمَـــــــــهُ جيْــــشٌ من الــــرّعب
ابو تمـــام


الأستاذ عبد الحميد ( مُعلّم العربي )
وانا في الصف الثاني الأبتدائي , في المدرسه العزيزيه , وفي عصر كان يقوم على التعليم فيه معلمون من الشام بمختلف جغرافيتها , اغلبهم من فلسطينيي الأردن , استقدمتهم بلادي للنهوض بالتعليم , في وقت كنا نعاني نقص المعلمين الوطنيين , وخلافنا السياسي مع مصر حرمنا من تنويع المعلمين الا من الشام برقعتها الوسعه وبلدانها المختلفه وكان نصيب الفلسطينيون الأوفر , تعاطفا مع قضية العرب الأولى وتقديرا لظرفهم الأنساني .
فتحنا اعيننا عليهم يقودون العلم خاصة الصفوف الأولى الدراسيه .
كنت لاأزال في مرحلة الدراسه المبكره , وبرغم كثرة المدارس التي تقلبت عليها , الا ان المعلمون لم يتبدلوا , هم نفس الجنسيه , واللهجه , والبياض , والأسلوب احيانا .
من هؤلاء لازلت اذكر الى اليوم عبد الحميد , مدرس ( العربي ) هكذا نسميها ويشمل تدريسه ( القراءه , والخط , والأملاء ) من كتاب ( المطالعه ).


وللأسف ان هذا المعلم يحمل بين جوانحه حقدا وضغينه وكرها لعل مصدره ماوصلت اليه حاله من هجر بلاده وضياع حقوق لايد لنا فيها , وكنا اطفالا لانعي من امر الدنيا شيئا ولايبعد فكرنا عن ماهو حولنا , كان يعامل من يخطيء في القراءة او الكتابه حتى لو كان ميل بسيط عن السطر , يعامله بطريقة انتقاميه لاتمت للتعليم ولا للخلق الأنساني بأي صِلـه !


وللأسف لم يكن احد من التلاميذ يشكو لأهله غرابة تصرفه , وعلوّ عقابه عن المألوف , كنا في زمن يقدس المعلم ويراه مجتمعنا كما يرى البعض اليوم المشايخ !


وصل الأمر بهذا المعلم ( الذي تتبرأ منه هذه المهنه العظيمه ) الى انه كان يفتح فم الطالب الكسلان في مادته ويبصق فيه !
كان يأمر الطالب ان يقف ووجهه الى الجدار رافعا يديه واحدى قدميه عن الأرض , والويل له إن انزلها , ويستمر الوقوف طوال الحصه , وإن حصل وتحرك الطالب يمسكه من خلف رقبته ويضرب برأسه زجاج النافذه !
لاأريد الأسترسال اكثر في الوان عقابه وتفننـه في التسليه على تلاميذ ابرياء جاءوا للعلم فوجدوا انفسهم بمعتقل !
احمد الله واشكر فضله اني كنت من الطلاب الجيدين في مادة ( العربي) فلم يطالني من انتقامه مارأيته يحدث مع بعض اقراني .


ويشاء الله بعد سنوات طويله ان اصادف هذا المخلوق الغريب يوما وانا في السوق ابيع الكتب والمجلات , فقد رأيته يقف امام ( مبسطي الصغير ) ويطيل النظر في وجهي , ثم يسألني إن كنت درست يوما في مدرسة ( العزيزيه )؟
وبعد صمت قليل تذكرت المدرسه وأجبت بنعم ؟
فقام بتعريفي بنفسه وانه كان يدرسني مادة العربي .
شريط سريع كفلاش الكاميرا صافح ذاكرتي فتذكرته , وهل مثله يمكن ان انساه , لكن كثرة الأحداث وتقادمها تلتحف احيانا بعض الصور .
قلت له الا زلت هنا لم تسافر ؟
قال كمن يستخف بسؤالي : واين اذهب وبلدي محتل ؟
وللحقيقه , شعرت بامتعاض حين رأيته , نفس الوجه القاسي الحاقد رغم تكالب السنون وخطوط العمر , تمنيت ان لم اراه , حين تذكرت افعاله بالتلاميذ , فقد كشف غطاء قذر كنت قد واريته الزمن المنصرم , لكن تأبى الايام الا ان تعيد بَكْراتها صفحات مهترئه لأيام قاسيه .


اهملته حين جاء احدهم يسألني عن كتاب , كنت ارغب جادا ان يشعر باحتقاري وركلي لــه , حتى بالأهمال .
وقف قليلا يقلّب نواظره اللئيمه بيني وبين الكتب المفروشة فوق الرصيف , ثم جرجر قدميه وغادر , لاحقته عيناي وهو يبتعد متثاقلا بفعل الشيخوخه .
كم في اعمارنا من شخوص نرغب وجودهم معنا دوما , وكم من وجوه نتمنى ان يحجبها القبر .


القادم ( ؟؟ )



الساعة الآن 07:42AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية