عبدالله الغنيم
09-30-2011, 07:26PM
(( فانتبهوا – يا أيها القرَّاء – لما تنظرون فيه من كُتُبٍ ومجلات ، وما تسمعونَه من إذاعاتٍ ومحَاضرات ، وما تشاهدونه من مُسلسلاتٍ ومَسرحيَّات ، ولا تظنوا أن أثر ذلك يذهبُ مع إكمال الكتَاب ، أو انتهاءِ المحاضَرة ، أو إسدال السَّتار على المسرحية ، بلْ إنَّ بعضَه يبقى ما بقيتِ الحَيَاة )) .
عَقِبَ هذه الكَلمَاتِ المُطرَّزةِ بالذَّهَب ، والمَطلِيَّةِ باللُّجَين ، المَشُوبَة بالتَّجربَةِ والحِكْمَة ، توقفتُ - مُجبراً - عن إكمَال قِراءَة كِتَابِ : ( ذِكْرَيَاتِ عَلِي الطَّنطَاوِي ) - رحِمهُ اللهُ - ، ولم أسْتأنِفْ حتَّى أكملتُ ما بينَ أيديكُم مِن السُّطور ..
إنِّي لأرَى أثَرَ كَلامِه عَلى الوَاقِع ، رَأيَ العَين ورأيَ القلْب .. أوَلا ينظر المبصر ذلك جلياً ظاهراً ؟!
ألا تنظرون مَعِي – أيُّها الأفاضِل - إلى ذلك الطِّفل الرضيع ، الذي يُردِّدُ كلمَاتِ تِلك الأغنيةِ الهَابطة المَاجِنَة ، التي نزلتْ بالذُّوق العامِّ إلى الحَضِيض ، وهبَطَتْ بالأخلاق والآدابِ إلى الدَّركِ الأسفلِ مِنَ الانحَطَاط ، وقد حفظَ تلكَ الأغنية عَن ظهْر قَلْبٍ ، بَدَل حفظ (الشَّهادَتين) ! .
أوَلا تنظرُون وتَسمعُونَ تلك الطِّفلة الرضيعَة ، التي تُردِّدُ بإتقانٍ كَلمَاتِ الأنشُودَةِ التي تصدَحُ وتترنَّح بها بالعشي والإبكَار ، وقبلَ طُلوع الشَّمسِ وقبلَ غُروبِهَا ، وبلا هَوَادَة أو فُتُور ، قناةُ طُيور اللَّجَّة ! عفوا أقصِد الجَنَّة ، بدل حفظ سُورةِ ( الفاتحة ) ! .
ويَنشَأُ نَاشئُ الفِتيَانِ فِينَا *** عَـلَـى مَـا كـانَ عَـوَّدَهُ أبُـوهُ
أوَلا تنظرون معي إلى ذلك الغُلامِ اليَافِع ، الذي لا نَسْطِيعُ أن نفرِّقَ بينه وبين أختِهِ إلا إذا أمْعَنَّا النظر ، وحدَّقنا البصرَ ، وحَمْلَقنَا العُيون ! (1)
ثم انظروا في الناحية الأخرى.. ثَمَّةَ شي يتميَّح ويتبختَر ويتعصَّر ! – سُبحَانَ الخالق - ! هَاتِيك فتاةٌ قد حرَّفت نفسَها ، وفبْرَكت صُورتَهَا إلى رَجُل ..!
(( إنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ القَالِيْن ))
تَـسَاوَوا فـهَـذا بينهُمْ مِثل هذهِ *** وسيَانَ معنىً يافعٌ وكَعابُ (2)
ومَا عَجَبي أنَّ النِّسَاءَ تَرَجّلتْ *** ولكنَّ تأنيثَ الرجالِ عُجَابُ !!
سأنتقلُ بكم إلى مكانٍ آخرَ .. وأسْلُكُ بكم هذا الطريقَ (الرُّومنسي) ! .
انظروا إلى تلك الفتاةِ المنتقِبة ، وقد تجمَّلتْ واستعدَّتْ وبرَأيهَا استبدَّت ، ورائحة عطرها الفوَّاح قد شقت أنُوفَ العَاشقين المُدْنَفين من النَّوكى ، حتى افتتن بها ذلك الرجل الأحمق ، وجرى خلفها ، وأوْغَلَ في إثرهَا ، و(مِرْزام) شِمَاغه قد غُرِّقَ ( بالنشا ) تغريقاً ، حتى أصبحَ كأنَّه ذُو الفَقَار ! ( سيف علي بن أبي طالب ) ، فلو وقعَ عليه ذُبَابٌ جديرٌ به أن ينفصلَ إلى نِصفَين !! .
ليتَ النقابَ على النِّسَاءِ مُحرَّمٌ *** كَـي لا تغـُرَّ قـبيحةٌ إنْـسَانَـا !
وانظروا إلى ذلكم الشَّابِّ حديثِ السِّنِّ ، سفيهِ الحِلْم ، قد أطلق عِنَان لسانِه على ذلك الرجل ، وكأن لسانَه - كما قال المنفلوطي - جَوادُ امرئ القيس : مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبلٍ مُدبرٍ مَعاً !
وبدأ يرمي بشَرَرٍ كالقَصْر ! وكفَّره وكفَّرَ مَعَهُ أمَّة مُحَمَّد ! و أمر الجميع بالتكفير والتفجير ! .
لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله !
(( المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِه ، والمُهَاجرُ مَن هَجَرَ ما نهَى اللهُ عَنْه )) . صحيح البخاري .
والآن سأنتقل بكم إلى هذه الناحية .. ألا ترون إلى ذلك المذّبْذَب ، الذي اتبع هواه واتَّبعَ امرأتَه - ولن أقول زوجته فالفرق في القران شَاسِع بينَ اللفظين - وهي كاسيةٌ عَارية ..! وهو لا غِيرة عنده ولا عقل ، ولا قوامة له ولا قيمة ..!
(( والذينَ هُم لأمَانَاتِهِم وعَهْدِهِم رَاعُون )) .
قَدْ ضَلَّ مَن كَانتِ العُميَانُ تَهدِيهِ !!
وانظروا واسمَعُوا إلى ذلك الشَّابِّ الذي حَاجَّ والدَه في الطَّاعَة والإحْسَان .. رافعاً عقيرتَه عليه ، ويَسْلقه بلسَان حادٍّ ، ويَرعُد ويُزبِد ، ويتضجَّر ويزَمجِرُ على والده كالأسَد ، وهو عند أصحابه ( أذلَّ مِن الحِمَار المُقَيَّد ) ! .
أولم يقلِ اللهُ : (( فَلا تقلْ لَهُمَا أفٍّ ولا تنْهَرهُمَا )) ؟!
وانظروا إلى تلكَ المَرأةِ الحَمْقَاء ، التي افتُتِنتْ بمسلسلات ( الكِذْبِ والحُبِّ المَزعُوم ) ! ، الخادشة للحَيَاء ، التي تنفِرُ منها الفِطرَةُ السَّليمةُ ، وتفِرُّ فرارَ العِقبان مِنَ الجِيَف !
فقد هشَّمتْ حَيَاءَها ، وهدَّمت بيتَهَا ونفسَها ، بنظرها إليها نظرَ المغشيِّ عليهِ من المَوت ! فأولَى لَهَا ! .
حقاً إنَّهَا ( أطيشُ مِنْ فَرَاشَة ) ! ( 3 )
ثم انظرُوا لِصَاحِب ( الفِكْر التَّغريْبِي ) ، الذي اتقَاهُ العُقلاء لِجَهلِهِ ، ولِسُوءِ أدَبِه .. ( إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَن اتَّقَاهُ النَّاسُ لِشَرِّهِ ..) فقد نَسَفَ قولَ الحقِّ ، وقولَ الرسُول ، عليه الصلاةُ والسَّلام ، وإجماع علماءِ الأمَّة ، وصنَّفَ نفسَه أفضلَ منهُم ، وأجلَّ وأشرفَ وأعلَم ! وبدأ يُقارعُ المَشَائِخَ وأهلَ الذِّكر ، ويَخبِطُ في الدِّين خبطَ النَّاقةِ العَشْوَاء في البَيْدَاء !
((وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدَىً مِنَ الله ))
وانظروا إلى ذلك الصَّفيق ، الذي لا يتوَرَّعُ ولا يتثبَّتُ ، و بلا رَادِعٍ ولا وَازعٍ ، يَلْفِظُ بقولٍ يُسَمِّيهِ الشَّرعُ إلحَاداً ! ولا من مُعَاقِبٍ لِكَي يَرتَدِعَ ويَنزَجِر .. آهٍ يا دِرَّة (4) عُمَر !
لله دَرُّكَ ، ودَرُّ دِرَّتِكَ ! .
أتَدْرُونَ مَا أسْبَابُ هَذَا كُلِّه ؟
ارجِعُوا إلى السُّطُور الأولَى ، المُقتَضَبَةِ في الأعْلَى ..
( وإنِّي عَلى عِلم ودِرَايةٍ ، وعَلَى يقينٍ تامٍّ ، بأنَّ في المُجتمَعِ وجْهاً آخرَ ، لا تزالُ طائفةٌ منهم قَائمةً بأمرِ اللهِ ، لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم ، و لا مَن خَالَفَهُم ، حتَّى يأتىَ أمرُ الله ..) .
رحمَ اللهُ شيخَنَا ( الطَّنطَاويَّ ) رحمةً واسِعَةً ، ونوَّرَ اللهُ ضَريْحَه ، وأنزلَه مَنَازلَ الأنبيَاء ..
أمَّا الآن - أيُّها الأحِبَّة - فقد وضعَ المقالُ أوزَارَهُ ، وانتهَى بِنَا التِّجوَالُ والمَطاف ، واعذروني إنْ أخذتُ بكم جولةً على مَا يخدِشُ الحَيَاءَ ، وتنفِرُ منه الفِطَر .. فَلا بَأس ؛ فقدْ شَاهَدَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ، أبشعَ مِنْ ذلكَ ، بعدَ رحْلَةِ الإسراء ، على ظَهْر البُرَاق ، حِينمَا عُرِجَ بِهِ إلى السَّمَاء ، في جَولَةِ جبريلَ عليه السَّلام ..
وَمَا أنا كجبريلَ ، وما أنتُم كمُحَمَّدٍ ، ومَا قََلَمِي كَالبُرَاق ! .
شَتَّانَ مَا بينَ الجَولَتَيْن !! .
(1) حَملق : حَمْلَقَ الرجلُ : فتحَ عينيه ، ونظر نظراً شديداً .
(2) كَعَاب : بفتح الكاف ، الكَاعِب : الجارية حين يبدو ثديها للنهود ، وجمع كاعِب : كَوَاعِب ، (( وكَوَاعِبَ أترَابَا )) ، وكِعَابٌ ، عن ثعلب .
(3) ( أطيشُ من فَرَاشَة ) : مَثَلٌ من الأمثال ؛ لأنَّ الفراشَة تلقِي نفسَهَا في النَّار.
(4) الدِّرَّة : سَوطٌ للتَّهْذِيب . اشتُهِرَ بها الفَارُوقُ ، رضيَ اللهُ عنه .
عَقِبَ هذه الكَلمَاتِ المُطرَّزةِ بالذَّهَب ، والمَطلِيَّةِ باللُّجَين ، المَشُوبَة بالتَّجربَةِ والحِكْمَة ، توقفتُ - مُجبراً - عن إكمَال قِراءَة كِتَابِ : ( ذِكْرَيَاتِ عَلِي الطَّنطَاوِي ) - رحِمهُ اللهُ - ، ولم أسْتأنِفْ حتَّى أكملتُ ما بينَ أيديكُم مِن السُّطور ..
إنِّي لأرَى أثَرَ كَلامِه عَلى الوَاقِع ، رَأيَ العَين ورأيَ القلْب .. أوَلا ينظر المبصر ذلك جلياً ظاهراً ؟!
ألا تنظرون مَعِي – أيُّها الأفاضِل - إلى ذلك الطِّفل الرضيع ، الذي يُردِّدُ كلمَاتِ تِلك الأغنيةِ الهَابطة المَاجِنَة ، التي نزلتْ بالذُّوق العامِّ إلى الحَضِيض ، وهبَطَتْ بالأخلاق والآدابِ إلى الدَّركِ الأسفلِ مِنَ الانحَطَاط ، وقد حفظَ تلكَ الأغنية عَن ظهْر قَلْبٍ ، بَدَل حفظ (الشَّهادَتين) ! .
أوَلا تنظرُون وتَسمعُونَ تلك الطِّفلة الرضيعَة ، التي تُردِّدُ بإتقانٍ كَلمَاتِ الأنشُودَةِ التي تصدَحُ وتترنَّح بها بالعشي والإبكَار ، وقبلَ طُلوع الشَّمسِ وقبلَ غُروبِهَا ، وبلا هَوَادَة أو فُتُور ، قناةُ طُيور اللَّجَّة ! عفوا أقصِد الجَنَّة ، بدل حفظ سُورةِ ( الفاتحة ) ! .
ويَنشَأُ نَاشئُ الفِتيَانِ فِينَا *** عَـلَـى مَـا كـانَ عَـوَّدَهُ أبُـوهُ
أوَلا تنظرون معي إلى ذلك الغُلامِ اليَافِع ، الذي لا نَسْطِيعُ أن نفرِّقَ بينه وبين أختِهِ إلا إذا أمْعَنَّا النظر ، وحدَّقنا البصرَ ، وحَمْلَقنَا العُيون ! (1)
ثم انظروا في الناحية الأخرى.. ثَمَّةَ شي يتميَّح ويتبختَر ويتعصَّر ! – سُبحَانَ الخالق - ! هَاتِيك فتاةٌ قد حرَّفت نفسَها ، وفبْرَكت صُورتَهَا إلى رَجُل ..!
(( إنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ القَالِيْن ))
تَـسَاوَوا فـهَـذا بينهُمْ مِثل هذهِ *** وسيَانَ معنىً يافعٌ وكَعابُ (2)
ومَا عَجَبي أنَّ النِّسَاءَ تَرَجّلتْ *** ولكنَّ تأنيثَ الرجالِ عُجَابُ !!
سأنتقلُ بكم إلى مكانٍ آخرَ .. وأسْلُكُ بكم هذا الطريقَ (الرُّومنسي) ! .
انظروا إلى تلك الفتاةِ المنتقِبة ، وقد تجمَّلتْ واستعدَّتْ وبرَأيهَا استبدَّت ، ورائحة عطرها الفوَّاح قد شقت أنُوفَ العَاشقين المُدْنَفين من النَّوكى ، حتى افتتن بها ذلك الرجل الأحمق ، وجرى خلفها ، وأوْغَلَ في إثرهَا ، و(مِرْزام) شِمَاغه قد غُرِّقَ ( بالنشا ) تغريقاً ، حتى أصبحَ كأنَّه ذُو الفَقَار ! ( سيف علي بن أبي طالب ) ، فلو وقعَ عليه ذُبَابٌ جديرٌ به أن ينفصلَ إلى نِصفَين !! .
ليتَ النقابَ على النِّسَاءِ مُحرَّمٌ *** كَـي لا تغـُرَّ قـبيحةٌ إنْـسَانَـا !
وانظروا إلى ذلكم الشَّابِّ حديثِ السِّنِّ ، سفيهِ الحِلْم ، قد أطلق عِنَان لسانِه على ذلك الرجل ، وكأن لسانَه - كما قال المنفلوطي - جَوادُ امرئ القيس : مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبلٍ مُدبرٍ مَعاً !
وبدأ يرمي بشَرَرٍ كالقَصْر ! وكفَّره وكفَّرَ مَعَهُ أمَّة مُحَمَّد ! و أمر الجميع بالتكفير والتفجير ! .
لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله !
(( المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِه ، والمُهَاجرُ مَن هَجَرَ ما نهَى اللهُ عَنْه )) . صحيح البخاري .
والآن سأنتقل بكم إلى هذه الناحية .. ألا ترون إلى ذلك المذّبْذَب ، الذي اتبع هواه واتَّبعَ امرأتَه - ولن أقول زوجته فالفرق في القران شَاسِع بينَ اللفظين - وهي كاسيةٌ عَارية ..! وهو لا غِيرة عنده ولا عقل ، ولا قوامة له ولا قيمة ..!
(( والذينَ هُم لأمَانَاتِهِم وعَهْدِهِم رَاعُون )) .
قَدْ ضَلَّ مَن كَانتِ العُميَانُ تَهدِيهِ !!
وانظروا واسمَعُوا إلى ذلك الشَّابِّ الذي حَاجَّ والدَه في الطَّاعَة والإحْسَان .. رافعاً عقيرتَه عليه ، ويَسْلقه بلسَان حادٍّ ، ويَرعُد ويُزبِد ، ويتضجَّر ويزَمجِرُ على والده كالأسَد ، وهو عند أصحابه ( أذلَّ مِن الحِمَار المُقَيَّد ) ! .
أولم يقلِ اللهُ : (( فَلا تقلْ لَهُمَا أفٍّ ولا تنْهَرهُمَا )) ؟!
وانظروا إلى تلكَ المَرأةِ الحَمْقَاء ، التي افتُتِنتْ بمسلسلات ( الكِذْبِ والحُبِّ المَزعُوم ) ! ، الخادشة للحَيَاء ، التي تنفِرُ منها الفِطرَةُ السَّليمةُ ، وتفِرُّ فرارَ العِقبان مِنَ الجِيَف !
فقد هشَّمتْ حَيَاءَها ، وهدَّمت بيتَهَا ونفسَها ، بنظرها إليها نظرَ المغشيِّ عليهِ من المَوت ! فأولَى لَهَا ! .
حقاً إنَّهَا ( أطيشُ مِنْ فَرَاشَة ) ! ( 3 )
ثم انظرُوا لِصَاحِب ( الفِكْر التَّغريْبِي ) ، الذي اتقَاهُ العُقلاء لِجَهلِهِ ، ولِسُوءِ أدَبِه .. ( إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَن اتَّقَاهُ النَّاسُ لِشَرِّهِ ..) فقد نَسَفَ قولَ الحقِّ ، وقولَ الرسُول ، عليه الصلاةُ والسَّلام ، وإجماع علماءِ الأمَّة ، وصنَّفَ نفسَه أفضلَ منهُم ، وأجلَّ وأشرفَ وأعلَم ! وبدأ يُقارعُ المَشَائِخَ وأهلَ الذِّكر ، ويَخبِطُ في الدِّين خبطَ النَّاقةِ العَشْوَاء في البَيْدَاء !
((وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدَىً مِنَ الله ))
وانظروا إلى ذلك الصَّفيق ، الذي لا يتوَرَّعُ ولا يتثبَّتُ ، و بلا رَادِعٍ ولا وَازعٍ ، يَلْفِظُ بقولٍ يُسَمِّيهِ الشَّرعُ إلحَاداً ! ولا من مُعَاقِبٍ لِكَي يَرتَدِعَ ويَنزَجِر .. آهٍ يا دِرَّة (4) عُمَر !
لله دَرُّكَ ، ودَرُّ دِرَّتِكَ ! .
أتَدْرُونَ مَا أسْبَابُ هَذَا كُلِّه ؟
ارجِعُوا إلى السُّطُور الأولَى ، المُقتَضَبَةِ في الأعْلَى ..
( وإنِّي عَلى عِلم ودِرَايةٍ ، وعَلَى يقينٍ تامٍّ ، بأنَّ في المُجتمَعِ وجْهاً آخرَ ، لا تزالُ طائفةٌ منهم قَائمةً بأمرِ اللهِ ، لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم ، و لا مَن خَالَفَهُم ، حتَّى يأتىَ أمرُ الله ..) .
رحمَ اللهُ شيخَنَا ( الطَّنطَاويَّ ) رحمةً واسِعَةً ، ونوَّرَ اللهُ ضَريْحَه ، وأنزلَه مَنَازلَ الأنبيَاء ..
أمَّا الآن - أيُّها الأحِبَّة - فقد وضعَ المقالُ أوزَارَهُ ، وانتهَى بِنَا التِّجوَالُ والمَطاف ، واعذروني إنْ أخذتُ بكم جولةً على مَا يخدِشُ الحَيَاءَ ، وتنفِرُ منه الفِطَر .. فَلا بَأس ؛ فقدْ شَاهَدَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ، أبشعَ مِنْ ذلكَ ، بعدَ رحْلَةِ الإسراء ، على ظَهْر البُرَاق ، حِينمَا عُرِجَ بِهِ إلى السَّمَاء ، في جَولَةِ جبريلَ عليه السَّلام ..
وَمَا أنا كجبريلَ ، وما أنتُم كمُحَمَّدٍ ، ومَا قََلَمِي كَالبُرَاق ! .
شَتَّانَ مَا بينَ الجَولَتَيْن !! .
(1) حَملق : حَمْلَقَ الرجلُ : فتحَ عينيه ، ونظر نظراً شديداً .
(2) كَعَاب : بفتح الكاف ، الكَاعِب : الجارية حين يبدو ثديها للنهود ، وجمع كاعِب : كَوَاعِب ، (( وكَوَاعِبَ أترَابَا )) ، وكِعَابٌ ، عن ثعلب .
(3) ( أطيشُ من فَرَاشَة ) : مَثَلٌ من الأمثال ؛ لأنَّ الفراشَة تلقِي نفسَهَا في النَّار.
(4) الدِّرَّة : سَوطٌ للتَّهْذِيب . اشتُهِرَ بها الفَارُوقُ ، رضيَ اللهُ عنه .