عطر الليل
07-05-2010, 05:21AM
يقولون الجار قبل الدار ..
وأي جار كان الذي يجاورهم ... سيء الخلق .. لايخاف الله ..
يتلذذ بالتحدث بأعراض الحرائر ولايهمه إن دمرت بيوتا أو قتلت أنفس بريئة
فقط أن ينال مراده مهما كان الثمن ..
عاشت مع عائلتها .. يكتنفها حبهم ..
ويظللها إيمانها الكبير بالله ومايقسمه لها
إن خرجت فبصحبة والدتها أو شقيقها وزوجته
المقيمان معهما ووالدتها بعد وفاة والدهما ..
رآها .. وتملكته غريزة مجنونة أن يحظى بها ..
فكان يطاردها أينما ذهبت .. ولايهمه من يرافقها
ولم يراعي حرمة الجيرة ..
ولامشاعر زوجته ولم يفكر بأطفاله الخمسة ..
عندما لم تعره أهتماما .. تقدم لخطبتها ..
فرفضته وأخوها بحجة زوجته وأطفاله ..
وأنها مخطوبة لأبن عمها ..
لم يقتنع .. فبدأ بأزعاجها وأهلها ..
تارة يرمي عليهم الأوساخ من سطح منزله ..على حديقة منزلهم ..
وتارة يحدث ضجيجا بساعة متأخرة من الليل ..
وهم صابرين عليه .. متجاوزين ترهاته المجنونة ..
فما كان من شقيقها أن عجل بزواجها
وسافرت مع زوجها لبلدة أخرى ..
تملكه الحقد والغضب .. ولم يعد يدرك كيف ينتقم ..
حتى جاءت ذات يوم لتزور أهلها بعد غياب سنوات ..
حاملا في أشهرها الأولى ..
فعندما رآها تجدد حقده وغضبه ..
فأشاع بين الناس أن ماتحمله في بطنها هو أبنه ..
وأنه كان يذهب إليها كل فترة وأخرى ..
وكثيرا مانجد ضعيفوا النفوس تصدق الشائعات وتزيدها ..
وقلة من يستنكرها ..
حتى وصلت لمسامع أخيها بعد مغادرتها .. فتملكه الغضب .. وحمل سكينه وهم بالسفر
إليها ليغسل عاره .. فأمسكت الأم بيده وقالت : تريث يابني ..
هل تعرف عن أختك تفعل مايغضب الله .. أو تأتينا بالعار؟؟
فتوقف برهة وأدرك أن غضبه أعماه .. ومع ذلك خرج من البيت وتوجه لبيت جاره ..
وطرق بابه .. فعلم انه لم يأتي لبيته منذ أيام ..
فتجول يبحث عنه هنا وهناك .. ويسأل هذا وذاك حتى لقيه ..
ولم يتأنى ليتحقق صحة كلامه ..فأنهال عليه
طعنا حتى الموت .. وتوجه إلى أقرب مركز للشرطة وسلم نفسه ..
وترك وراؤه زوجة حاملا في أشهرها الأخيرة وثلاث بنات ..
وأما أقعدتها الفاجعة الفراش ..
وتوالت السنوات وهو سجين .. يعيش بصمت ..
غير نادم على مافعل فقط إنه لم يرى طفله الذي الآن
بلغ ثمانية سنوات ...
وبعد تلك الفاجعة .. رحلت الجارة وأطفالها إلى مكان غير معلوم ..
وهي تهدد وتتوعد قبل رحيلها بالأنتقام
ولمّا دخل الصغير المدرسة عاشت خوفا مميتا عليه
بأن يتربص به أبن القتيل قيقتله ثأراَ لأبيه
فكانت تردد على مسامعه كلما همّ بالذهاب للمدرسة
لاتمشي هويدا بالطريق .. وليكن آهلا بالناس ..
أبتعد عن مداخل العمارات .. لاتكن وحدك ..
إلى أن كان يوما لا كل الأيام ..
السماء متلبدة بالغيوم السوداء .. والهواء يصفر صفيرا مزعجا كأنه أنذار ..
وكنت قد جلست بقرب
المدفأة ألتمس منها الدفأ بعد أن عدت من مدرستي آخر النهار ..
تناهى لمسمي صوت المؤذن يعلن وفاة طفل ..
أتعرفون من كان .. أنه أبن السجين المقيم خلف الأسوار ..
انتابني الحزن الشديد عليه رغم إني لم آراه ..
ولكن جدتي التي تزورهم بأستمرار تحدثني عن أخلاقه وذكاءه
وحسن تربيته التي كان مثالا لكل الأطفال ..
بكيته كثيرا ..وذهبت جدتي لتقدم العزاء ..
ولتسأل مالذي جرى ؟ وكيف موته كان ؟؟
عادت وعيوني الحمراوين تراقبانها .. تنتظر الأخبار ..
قالت لي ..
انه هذا اليوم شعر بالخوف الشديد ولم يعد لوحده للدار ..
فلقد رافقه أستاذه حتى قبل بيته بخطوات ..
وقال له : إنك الآن بأمان .. فأنطلق يعدو للبيت
والأستاذ قد غادر المكان ..
وكعادتها أمه تنتظر وصوله بين النافذة وباب الدار ..
فرأت شابا بمقتبل العمر قد أمسكه بلا رحمة وهو على وشك طرق الباب ..
وقال له : لقد أن موتك .. وحان الأنتقام ؟
فرد عليه بصوت خائف : لاتذبحني ياعم فأنا عطشان وأريد بعض الماء ..
وقبل أن تصله الأم وهي تصرخ
كانت سكينه قد ذبحته كالشاة .. وفر هاربا تاركا وراءه أما مفجوعة
وطفلا لايعرف شيئا عن الحقد والثأر ..
وحزنت عليه البلدة كلها .. رجالها ونسائها ..
حتى أطفالها وكل سكانها أشاعوا جثمانه إلى مثواه الأخير
بقلب حزين وعيونا سكبت دموعا ودماء ..
وقبض عليه وألقي بالسجن حيث والده المفجوع بمن لم يراه إلا صورة على الجدار ..
عندما رأى قاتل أبنه هّم بقتله ..إلا أنه أستعاذ بالرحمن .. وفوّض أمره لرب العباد ..
فبؤسا لجار لايراعي حرمة جيرانه .. ولا يخاف الله في نفسه وبمن حوله ..
فرب جار يكون قدر جَار عليك وكان لك بالمرصاد ..
بقلمي
عطر الليل
وأي جار كان الذي يجاورهم ... سيء الخلق .. لايخاف الله ..
يتلذذ بالتحدث بأعراض الحرائر ولايهمه إن دمرت بيوتا أو قتلت أنفس بريئة
فقط أن ينال مراده مهما كان الثمن ..
عاشت مع عائلتها .. يكتنفها حبهم ..
ويظللها إيمانها الكبير بالله ومايقسمه لها
إن خرجت فبصحبة والدتها أو شقيقها وزوجته
المقيمان معهما ووالدتها بعد وفاة والدهما ..
رآها .. وتملكته غريزة مجنونة أن يحظى بها ..
فكان يطاردها أينما ذهبت .. ولايهمه من يرافقها
ولم يراعي حرمة الجيرة ..
ولامشاعر زوجته ولم يفكر بأطفاله الخمسة ..
عندما لم تعره أهتماما .. تقدم لخطبتها ..
فرفضته وأخوها بحجة زوجته وأطفاله ..
وأنها مخطوبة لأبن عمها ..
لم يقتنع .. فبدأ بأزعاجها وأهلها ..
تارة يرمي عليهم الأوساخ من سطح منزله ..على حديقة منزلهم ..
وتارة يحدث ضجيجا بساعة متأخرة من الليل ..
وهم صابرين عليه .. متجاوزين ترهاته المجنونة ..
فما كان من شقيقها أن عجل بزواجها
وسافرت مع زوجها لبلدة أخرى ..
تملكه الحقد والغضب .. ولم يعد يدرك كيف ينتقم ..
حتى جاءت ذات يوم لتزور أهلها بعد غياب سنوات ..
حاملا في أشهرها الأولى ..
فعندما رآها تجدد حقده وغضبه ..
فأشاع بين الناس أن ماتحمله في بطنها هو أبنه ..
وأنه كان يذهب إليها كل فترة وأخرى ..
وكثيرا مانجد ضعيفوا النفوس تصدق الشائعات وتزيدها ..
وقلة من يستنكرها ..
حتى وصلت لمسامع أخيها بعد مغادرتها .. فتملكه الغضب .. وحمل سكينه وهم بالسفر
إليها ليغسل عاره .. فأمسكت الأم بيده وقالت : تريث يابني ..
هل تعرف عن أختك تفعل مايغضب الله .. أو تأتينا بالعار؟؟
فتوقف برهة وأدرك أن غضبه أعماه .. ومع ذلك خرج من البيت وتوجه لبيت جاره ..
وطرق بابه .. فعلم انه لم يأتي لبيته منذ أيام ..
فتجول يبحث عنه هنا وهناك .. ويسأل هذا وذاك حتى لقيه ..
ولم يتأنى ليتحقق صحة كلامه ..فأنهال عليه
طعنا حتى الموت .. وتوجه إلى أقرب مركز للشرطة وسلم نفسه ..
وترك وراؤه زوجة حاملا في أشهرها الأخيرة وثلاث بنات ..
وأما أقعدتها الفاجعة الفراش ..
وتوالت السنوات وهو سجين .. يعيش بصمت ..
غير نادم على مافعل فقط إنه لم يرى طفله الذي الآن
بلغ ثمانية سنوات ...
وبعد تلك الفاجعة .. رحلت الجارة وأطفالها إلى مكان غير معلوم ..
وهي تهدد وتتوعد قبل رحيلها بالأنتقام
ولمّا دخل الصغير المدرسة عاشت خوفا مميتا عليه
بأن يتربص به أبن القتيل قيقتله ثأراَ لأبيه
فكانت تردد على مسامعه كلما همّ بالذهاب للمدرسة
لاتمشي هويدا بالطريق .. وليكن آهلا بالناس ..
أبتعد عن مداخل العمارات .. لاتكن وحدك ..
إلى أن كان يوما لا كل الأيام ..
السماء متلبدة بالغيوم السوداء .. والهواء يصفر صفيرا مزعجا كأنه أنذار ..
وكنت قد جلست بقرب
المدفأة ألتمس منها الدفأ بعد أن عدت من مدرستي آخر النهار ..
تناهى لمسمي صوت المؤذن يعلن وفاة طفل ..
أتعرفون من كان .. أنه أبن السجين المقيم خلف الأسوار ..
انتابني الحزن الشديد عليه رغم إني لم آراه ..
ولكن جدتي التي تزورهم بأستمرار تحدثني عن أخلاقه وذكاءه
وحسن تربيته التي كان مثالا لكل الأطفال ..
بكيته كثيرا ..وذهبت جدتي لتقدم العزاء ..
ولتسأل مالذي جرى ؟ وكيف موته كان ؟؟
عادت وعيوني الحمراوين تراقبانها .. تنتظر الأخبار ..
قالت لي ..
انه هذا اليوم شعر بالخوف الشديد ولم يعد لوحده للدار ..
فلقد رافقه أستاذه حتى قبل بيته بخطوات ..
وقال له : إنك الآن بأمان .. فأنطلق يعدو للبيت
والأستاذ قد غادر المكان ..
وكعادتها أمه تنتظر وصوله بين النافذة وباب الدار ..
فرأت شابا بمقتبل العمر قد أمسكه بلا رحمة وهو على وشك طرق الباب ..
وقال له : لقد أن موتك .. وحان الأنتقام ؟
فرد عليه بصوت خائف : لاتذبحني ياعم فأنا عطشان وأريد بعض الماء ..
وقبل أن تصله الأم وهي تصرخ
كانت سكينه قد ذبحته كالشاة .. وفر هاربا تاركا وراءه أما مفجوعة
وطفلا لايعرف شيئا عن الحقد والثأر ..
وحزنت عليه البلدة كلها .. رجالها ونسائها ..
حتى أطفالها وكل سكانها أشاعوا جثمانه إلى مثواه الأخير
بقلب حزين وعيونا سكبت دموعا ودماء ..
وقبض عليه وألقي بالسجن حيث والده المفجوع بمن لم يراه إلا صورة على الجدار ..
عندما رأى قاتل أبنه هّم بقتله ..إلا أنه أستعاذ بالرحمن .. وفوّض أمره لرب العباد ..
فبؤسا لجار لايراعي حرمة جيرانه .. ولا يخاف الله في نفسه وبمن حوله ..
فرب جار يكون قدر جَار عليك وكان لك بالمرصاد ..
بقلمي
عطر الليل