أحمد السلامي
12-31-2009, 03:58PM
الأمومة هبة إلهية يهبها الخالق عز وعلا شأنه لمن يشاء ويحرم منها من شاء، وإذا كانت الأمومة بالنسبة لبعض النساء أمرا فطريا وغريزيا، ففي المقابل هو مشروع ضخم يحتاج إلى تخطيط وتفكير وتدبير بالنسبة لبعض النساء الأخريات، وقد جاء في بعض البحوث المنشورة في وسائل الإعلام العلمية أن الأمومة ليست مجرد شعور غريزي بل هي إحساس يختلف من امرأة إلى أخرى حسب الظروف والبيئة التي تعيش فيها وطريقة نشأتها، كما أن الأمومة فطرة يرشدها العلم ويرسخها العمل، والواقع يشهد أن ليس كل امرأة تصلح أن تكون أماً، كما لا يصلح كل رجل أن يكون أباً رغم أن الأمومة والأبوة مرتبطة بجنسيهما ارتباطاً فطرياً لا مثل ولا جدال فيه، وهذه المشاعر الفطرية تحتاج للتركيز في بذلها حتى لا يفلت منها شيء، وعلى قدر إحاطة كل امرأة بها على قدر ما يكون تحقيقها للأمومة المتعلقة بها.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: وَاخْـضَـعْ لأُمِّــكَ وأرضها فَعُقُـوقُـهَـا إِحْـدَى الكِبَــرْ، أما شكسبير فيقول: ليس في العالم وِسَادَةٌ أنعم من حضن الأم، بينما يقول ماري هوبكنز: الأمومة أعظمُ هِبَةٍ خَصَّ الله بها النساء، وهناك ملايين المقولات الشهيرة التي يتم التذكير بمكانة الأم بالنسبة للإنسان، واليوم أود أن أطرح موقفين مختلفين، الأول يخص أمهات «إنسيات» يفتقدن غريزة الأمومة، وأمومة «فأرة» كادت تضحي بحياتها من أجل فلذة كبدها..!
أم زنت و تخلت..!
في وقتنا الراهن لا تخلو الصفحات الأمنية في الصحف اليومية عن ورود عدة بلاغات إلى غرفة العمليات تفيد بالعثور على لقيط أمام باب مسجد أو بجوار حاوية للقمامة، أو جثة للقيط في البحر أو في إحدى الحمامات العمومية، لدرجة أن الجميع باتا معتاد على مثل هذه الأخبار، ويمرون عليها مرور الكرام، فلم تعد تحرك في القلوب ساكناً، وقد يكون السبب في تحجر القلوب هو كثرة الجرائم التي تحدث وتنشر تفاصيلها مدعمة بالصور. خاصة بالنسبة لأخبار اللقطاء التي انتشرت في الفترة الأخيرة كانتشار النار في الهشيم، ولكن أكثر ما يثير استغرابي هو أين تختفي غريزة الأمومة لدى هؤلاء المجرمات اللواتي يسمحن لأنفسهن الحمل بسفاح ورميه فور ولادته دون أن يرف قلبها للمصير المجهول الذي سيواجهه هذا الطفل الذي جاء إلى الدنيا دون أن يكون له سبب يذكر..!
هذه الأم أقدمت على فعل خطيئة كبرى، ولتغطي على فضيحتها، قامت بالتخلص من ما حملته في أحشائها بكل بساطة من خلال تركه في العراء يواجه مصيره المجهول، يصارع الحياة، ولا يدري هل سيصرعها أم ستصرعه، وكيف سيعيش دون أن يرتوي من حنان ودفئ أمه التي يحتاج إلى وجودها بقربه ليعيش حياته أسوة بأقرانه..!
شخصياً عندما أقرء مثل هذه الأخبار أتساءل لماذا تخلت هذه الأم عن فلذة كبدها، وكيف مكنها قلبها من رميه في المجهول.. وهل خلا قلبها من المشاعر تجاه هذا الطفل المسكين.. وهل ستحاسب نفسها على فعلتها أم لا.. وأسئلة أخرى كثيرة لا يمكنني أن أعدها أو أحصرها، ولكن أتوصل إلى قناعة في النهاية إن هؤلاء الفتيات تحجرت قلوبهن وخلت من الرحمة، وأصبح عمل تلك القلوب النابضة هو إبقاء صاحبته على قيد الحياة فقط لا غير..!
وأخرى عضت أسد..!
وبكل تأكيد فإنني لا أعتقد أن غريزة الأمومة قد نضبت من أجساد بنات حواء، وحادثة الأم التي عضت الأسد لإنقاذ ابنتها منه لا زالت راسخة في الذاكرة، وهي الحادثة الأشهر التي وقعت في الكويت في ثمانينات القرن الماضي، عندما اقتربت طفلة من قفص الأسد الموجود في حديقة الحيوان الذي غرس مخالبه في رأس تلك الفتاة، فهاجت الأم و هجمت على يد الأسد لتغرس أسنانها في جسده لتنجح في انتزاع مخالبه القوية من رأس ابنتها الصغيرة، لتنقل الطفلة بعدها إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم، أما الأم فكانت في ذلك الوقت هو حديث الشارع لعدة أشهر، كانت خلالها مضرباً للأمثال عن تضحية الأم لأبنائها..!
فأره هربت
وحادثة أخرى أذكرها دارت أحداثها قبل حوالي 18 عام عندما كانت الخادمة تقم بغسل «حوش البيت» فخرجت فأره من جحرها مسرعة هاربة من المياه الجارفة التي دخلت إلى مسكنها دون سابق إنذار لها، وهي تحمل في فمها ابنها الصغير الذي مازال جلده رقيقاً ولونه وردي ولا يستطيع التحرك من مكانة كما تفعل أمه، لتصطدم بأمواج المياه العاتية ويسقط من فمها على الأرض فأكملت مسيرها وتوقفت على بعد مترين منه، وهي ترمقه بنظرات الثكلى المفجوعه التي لا تدري كيف تتصرف، فكانت ترمقنا بنظرات حزينة، وكأنها توسلنا ألا نؤذي ابنها، وأن نعطيها فرصة لأخذه والخروج به إلى بر الأمان، فطلبت منا شقيقتنا الكبرى بألا نصيب ابن الفأرة بأذى وأن نعطيها فرصة لأخذه، ففعلنا ما طلب منا وتراجعنا إلى الوراء، فهجمت الفأرة على ابنها بسرعة كبيرة وحملته في فمها، وفرت به هاربة إلى الخارج..!
التضحية التي قامت بها هذه الفأرة، جعلتنا نقص الواقعة على أصدقائنا ومعارفنا، ونصف غريزة الأمومة التي يتمتع بها الحيوان، وكيف جازفت بحياتها من أجل إنقاذ ابنها والوصول به إلى بر الأمان، خاصة وأنها كانت معرضة للأذى والموت إن فكرة مجرد تفكير بالعودة إليه وأخذه، إذ كان ممكناً أن تعود له وتموت قبل أن تحظى بفرصة المحافظة على حياته، لكنها أبت ذلك وأصرت أن تنقذه وإن كان الثمن هو حياتها..!
أحمد السلامي
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: وَاخْـضَـعْ لأُمِّــكَ وأرضها فَعُقُـوقُـهَـا إِحْـدَى الكِبَــرْ، أما شكسبير فيقول: ليس في العالم وِسَادَةٌ أنعم من حضن الأم، بينما يقول ماري هوبكنز: الأمومة أعظمُ هِبَةٍ خَصَّ الله بها النساء، وهناك ملايين المقولات الشهيرة التي يتم التذكير بمكانة الأم بالنسبة للإنسان، واليوم أود أن أطرح موقفين مختلفين، الأول يخص أمهات «إنسيات» يفتقدن غريزة الأمومة، وأمومة «فأرة» كادت تضحي بحياتها من أجل فلذة كبدها..!
أم زنت و تخلت..!
في وقتنا الراهن لا تخلو الصفحات الأمنية في الصحف اليومية عن ورود عدة بلاغات إلى غرفة العمليات تفيد بالعثور على لقيط أمام باب مسجد أو بجوار حاوية للقمامة، أو جثة للقيط في البحر أو في إحدى الحمامات العمومية، لدرجة أن الجميع باتا معتاد على مثل هذه الأخبار، ويمرون عليها مرور الكرام، فلم تعد تحرك في القلوب ساكناً، وقد يكون السبب في تحجر القلوب هو كثرة الجرائم التي تحدث وتنشر تفاصيلها مدعمة بالصور. خاصة بالنسبة لأخبار اللقطاء التي انتشرت في الفترة الأخيرة كانتشار النار في الهشيم، ولكن أكثر ما يثير استغرابي هو أين تختفي غريزة الأمومة لدى هؤلاء المجرمات اللواتي يسمحن لأنفسهن الحمل بسفاح ورميه فور ولادته دون أن يرف قلبها للمصير المجهول الذي سيواجهه هذا الطفل الذي جاء إلى الدنيا دون أن يكون له سبب يذكر..!
هذه الأم أقدمت على فعل خطيئة كبرى، ولتغطي على فضيحتها، قامت بالتخلص من ما حملته في أحشائها بكل بساطة من خلال تركه في العراء يواجه مصيره المجهول، يصارع الحياة، ولا يدري هل سيصرعها أم ستصرعه، وكيف سيعيش دون أن يرتوي من حنان ودفئ أمه التي يحتاج إلى وجودها بقربه ليعيش حياته أسوة بأقرانه..!
شخصياً عندما أقرء مثل هذه الأخبار أتساءل لماذا تخلت هذه الأم عن فلذة كبدها، وكيف مكنها قلبها من رميه في المجهول.. وهل خلا قلبها من المشاعر تجاه هذا الطفل المسكين.. وهل ستحاسب نفسها على فعلتها أم لا.. وأسئلة أخرى كثيرة لا يمكنني أن أعدها أو أحصرها، ولكن أتوصل إلى قناعة في النهاية إن هؤلاء الفتيات تحجرت قلوبهن وخلت من الرحمة، وأصبح عمل تلك القلوب النابضة هو إبقاء صاحبته على قيد الحياة فقط لا غير..!
وأخرى عضت أسد..!
وبكل تأكيد فإنني لا أعتقد أن غريزة الأمومة قد نضبت من أجساد بنات حواء، وحادثة الأم التي عضت الأسد لإنقاذ ابنتها منه لا زالت راسخة في الذاكرة، وهي الحادثة الأشهر التي وقعت في الكويت في ثمانينات القرن الماضي، عندما اقتربت طفلة من قفص الأسد الموجود في حديقة الحيوان الذي غرس مخالبه في رأس تلك الفتاة، فهاجت الأم و هجمت على يد الأسد لتغرس أسنانها في جسده لتنجح في انتزاع مخالبه القوية من رأس ابنتها الصغيرة، لتنقل الطفلة بعدها إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم، أما الأم فكانت في ذلك الوقت هو حديث الشارع لعدة أشهر، كانت خلالها مضرباً للأمثال عن تضحية الأم لأبنائها..!
فأره هربت
وحادثة أخرى أذكرها دارت أحداثها قبل حوالي 18 عام عندما كانت الخادمة تقم بغسل «حوش البيت» فخرجت فأره من جحرها مسرعة هاربة من المياه الجارفة التي دخلت إلى مسكنها دون سابق إنذار لها، وهي تحمل في فمها ابنها الصغير الذي مازال جلده رقيقاً ولونه وردي ولا يستطيع التحرك من مكانة كما تفعل أمه، لتصطدم بأمواج المياه العاتية ويسقط من فمها على الأرض فأكملت مسيرها وتوقفت على بعد مترين منه، وهي ترمقه بنظرات الثكلى المفجوعه التي لا تدري كيف تتصرف، فكانت ترمقنا بنظرات حزينة، وكأنها توسلنا ألا نؤذي ابنها، وأن نعطيها فرصة لأخذه والخروج به إلى بر الأمان، فطلبت منا شقيقتنا الكبرى بألا نصيب ابن الفأرة بأذى وأن نعطيها فرصة لأخذه، ففعلنا ما طلب منا وتراجعنا إلى الوراء، فهجمت الفأرة على ابنها بسرعة كبيرة وحملته في فمها، وفرت به هاربة إلى الخارج..!
التضحية التي قامت بها هذه الفأرة، جعلتنا نقص الواقعة على أصدقائنا ومعارفنا، ونصف غريزة الأمومة التي يتمتع بها الحيوان، وكيف جازفت بحياتها من أجل إنقاذ ابنها والوصول به إلى بر الأمان، خاصة وأنها كانت معرضة للأذى والموت إن فكرة مجرد تفكير بالعودة إليه وأخذه، إذ كان ممكناً أن تعود له وتموت قبل أن تحظى بفرصة المحافظة على حياته، لكنها أبت ذلك وأصرت أن تنقذه وإن كان الثمن هو حياتها..!
أحمد السلامي