المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ()..().. الخيـــــــــانه..()..()


فيصل الحيزان
11-14-2008, 11:14AM
كل الخيانة قاسية
ومريرة.. مريرة.. مريرة

فخيانة صديق

ألم مروع يمزق القلب ويسحق الروح
ويصم العقل بالعجز عن رؤية ما خلف ظواهر الأمور
وأقسى ما فى وصمته تلك أنها لا تكتفى بزلزلة الماضى
بل تمد الخيانة أذرعها الأخطبوطية كى تحيط
بالمستقبل وتحاصره

خيانة الزوجة

مثل ذلك ويزيد عليه جرح فى الكرامة لا يلتئم
ودمعة لا تهطل ولا تجف.. لأنها مكنونة فى القلب

خيانة بعض من نفسك لنفسك
أقسى و أقسى
عندما لا ترى عينك الحق فتغرق فى الهلاوس البصرية
فذلك أقسى من العمى

وعندما لا تسمع أذنك الواقع لتتوه خلف ضلالات الأصوات
لا صوت منها يهديك إلى الطريق.. بل الطريق سراب

وعندما يئن عقلك تحت وطأة الجنون المحيط
الناشب مخالبه فيما حولك وفيمن حولك
فتعجز عن تبين العلاقات بين الأشياء
وتتوه الروابط بين
المقدمات والنتائج وبين الوسائل والغايات

عندما تنهار العلاقة بين طرفى المعادلة :
( بما أن… : إذن..)
فلا تؤدى "بما أن" إلى "إذن"
وتأتى "إذن" دون "بما أن"
أما "بما أن"
فإنها إما أن تؤدى بعد العناء والمخاض إلى سراب
كحمل كاذب.. أو إلى عكس المتوقع تماما تماما


كل الخيانة قاسية
ومريرة.. مريرة.. مريرة
ذلك كله قاس

فهل هناك ما هو أقسى؟

نعم
هناك الكثير الكثير
حيث لا يفوق ضروب شقاء الإنسان
سوى دروب حماقاته وصنوف خياناته

فلقد تناولنا فيما سبق ضربا واحدا من الخيانة هو
خيانة الفرد للفرد
و أقسى منها خيانة المجموع للفرد والفرد للمجموع
ثم أقسى و أقسى خيانة المجموع للمجموع

هذا النوع من الخيانة أنكى
لأن المصيبة الناتجة عنه تكون عامة والكارثة طامة

فخيانة صحيفة
على سبيل المثال لقارئها أشد و أنكى وأقسى
عندما تنشر الكذب ولا تبالى.. وتخفى الحق ولا تبالى
وعندما تختفى مرجعياتها المطلقة وتنحسر إلى النسبى

فالأمين
على سبيل المثال أمين
لأنه حاكم وليس الحاكم حاكما لأنه أمين!

والقول
صدق
لأنه يوافق الهوى أو كذب لأن القوىّ لا يرضى عنه
إنها لا تنظر إلى ما قيل لكن إلى من قال
ولا إلى ما حدث ولكن إلى من أحدث

خيانة أجهزة الدولة للأمة
أقسى وأقسى

عندما تتحول أجهزة الأمن من حماية أمن الأمة
إلى حماية فرد واحد فى الأمة
وفى سبيل حمايته تنتهك أمن الأمة كلها

عندما يتحول جهاز الإشراف على الانتخابات
إلى جهاز لتزوير الانتخابات

و جهاز الحفاظ على المال العام إلى جهاز للبحث عن الثغرات
التى يمكن من خلالها نزح ثروة الأمة واستنزافها
دون بصمات للمجرم الحقيقى فلا يطال القانون
إذا ما صحا من غفوته أو استفاق من غيبوبته سوى
أبرياء أو صغار لصوص.

وجهاز العدل ..

ومجالس التشريع..

وولى الأمر..

و..و..و..

نعم..

كل الخيانة قاسية
ومريرة.. مريرة.. مريرة

لكن خيانة منها تفوق الجميع فى تأثيرها
ألا وهى


خيانة طبقة المثقفين للأمة

كانت الأمة فى أشد الحاجة لنخبتها كى تشد أزرها
بعد الهزيمة الحضارية الشاملة أمام الغرب
كانت فى حاجة إليها لتعينها على
النهوض والمواجهة والانتصار

لكن النخبة خانت
لتدفع أمتها من مواجهة عاجزة بعد الهزيمة إلى
المهادنة إلى الاستسلام إلى القبول
بعد التسليم والاستسلام بهيمنة أعدائها
والسير فى الطريق الذى يخطونه لنا

كانت الأمة تساق كقطيع من الخراف
كلما تقدمت خطوة نحو المجازر انهالت عليها عصى
الحضارة الغربية الصليبية الصهيونية لتتقدم أكثر

وكان من أعجب ما حدث
أن المثقفين بدلا من أن يقودوا أمتهم للمواجهة
قادوها للاستسلام لم يحاولوا
وكان عليهم أن يحاولوا
فى سبيلهم لإعادة الحيوية إلى أمتهم تطويع
الحضارة الغربية كى تدخل فى نسيج الإسلام
((فأنى وجدت الحكمة فالإسلام أولى بها))
لكنهم فعلوا العكس
فراحوا يحاولون تطويع الإسلام
لكى يتفق مع الحضارة الغربية
فمسخوا كليهما

خانوا..

والله خانوا..

وعندما فكروا فى الحرية على سبيل المثال
لم يضعوا نصب أعينهم أن تكون هذه الحرية عبر
صناديق الانتخاب وجهادهم أمام مؤسسات الحكم
التى تمارس القهر والبطش والتزوير والتعذيب
بل صبوا جل همهم وركزوا كل جهادهم على
حرية تعرية المرأة لجسدها
فكأنما كلما طال جلباب المرأة كلما انحسرت الحرية
وكلما انحسر تحققت الحرية

اختزلوا الحرية إلى الفوضى وانعدام الأخلاق
وكان ذلك ضروريا كى يختزل السلام إلى استسلام

بل لقد بلغ من سوء أمرهم أن اختزلوا مفهوم الثقافة نفسه
من معناه العريض إلى معنى سوقى ومبتذل

إن معظم المثقفين الذين يتصدرون الساحة الثقافية الآن
لا يماثلون حتى نظراءهم فى الغرب
بل يمثلون نتوءا منهم وشذوذا فيهم وقطاعا صغيرا منحرفا
هو قطاع البوهيمين
فكأنهم اختزلوا أوروبا كلها إلى حى مون مارتر حيث
العبث واللاجدوى والمجون والضياع والبدع لا الإبداع!

هؤلاء هم الذين يشكلون الآن معظم واجهاتنا الثقافية
وهم من يطلق عليهم مثقفو موجة الحداثة.

فى كتابها الهام : " ثقافتنا فى مواجهة الانفتاح الحضارى"
توجز "هيام الملقى" مبادئ تلك الفئة بأنها:
" الاقتحام والنفور من كل ما هو متواصل
والاستفزاز وإثارة الجدل، والتركيز على القضايا
الأسلوبية الشكلية بدعوى النفاذ إلى أعماق الحياة
وأنها فن لتحطيم الأطر التقليدية والشخصية الفردية
وتبنى رغبات الإنسان الفوضوية التى لا يحدها حد."

وليس هذا هو مفهوم الثقافة بمعناه الغربى ولا العربى
فالمعنيان مختلفان

ولكن ثمة تساؤل لابد أن نطرحه قبل ذلك:

سؤال يقول :

من هو المثقف؟

أى نموذج يستوحى و أى مرجعية يعتمد؟..

وما هى مشروعية نقل مفهوم من حقل معرفى معين
فى بيئة معينة إلى حقل معرفى آخر فى بيئة أخرى؟.

كلمة "مثقف" فى العربية جاءت كاسم مفعول للفعل
ثقِفَ بمعنى حذق. وهى بهذا المعنى بعيدة عما نعنيه
الآن بكلمة مثقف، كما أنها بعيدة أيضا عن
المصطلح الأوروبى للكلمة: intellectual.

لقد بدأ استعمال كلمة الثقافة فى فرنسا منذ أكثر بقليل من
مائة عام فى قضية دريفوس الشهيرة عندما انقسم الناس
إلى فريقين معه وضده،
وكان إميل زولا يتزعم فريق المؤيدين لدريفوس فأصدر بيانا
بعنوان بيان المثقفين ومن ثم بدأ استعمال الكلمة.
لتستعمل بعد ذلك استعمالا ارتداديا يبدأ منذ القرن
الثانى عشر حيث يشهد معظم النقاد الأوروبيين -
ونذكر منهم على وجه الخصوص :
لوكوف ودى ليبرا - بأن الثقافة الأوربية بدأت فى ذلك الوقت
نقلا عن وبسبب الاحتكاك مع العرب.

فى العصر الحديث وضع كارل ماركس شرطين للمثقف
الشرط الأول أن يكون راغبا فى الكشف عن الحقيقة
والشرط الثانى أن يقوم بنقد صارم لكل ما هو موجود صرامة
تحول دون تراجع النقد أمام النتائج التى يقود إليها
هو بنفسه وأمام السلطة أيا كانت.

أما الدكتور محمد عابد الجابرى فيعرف المثقف بأنه
ضمير أمته
ولا مناص من أن ينعت بأنه شخص يثير العراقيل والفتن
من طرف الطبقة المسيرة التى تعمل على الحفاظ
على الوضع القائم.

إن شروط ماركس وتعريف الجابرى تستبعد من
تعريف المثقفين جل من يسمون أنفسهم بالمثقفين
فى مجتمعاتنا العربية
فلا هم يسعون إلى الحقيقة ولا هم يدفعون تبعات ذلك
السعى ولا هم ضمائر أمتهم
ما ينطبق عليهم بعد أن انحصرت واجباتهم فى القيام
للحاكم بدور أدوات الهيمنة هو تعريف هيام الملقى

نعم.. قبل مائة عام لم تكن توجد فى اللغة العربية كلمة مثقف
وكان معنى المصطلح ينطبق على فئات كثيرة منها
العلماء والشيوخ والفقهاء والأدباء والنحاة والكتاب
وكان معظمهم من الدارسين فى الأزهر منارة الثقافة والأدب
وفى إطار عملية الغزو الفكرى تم الأمر بتؤدة شديدة
وفى إطار مخطط شامل.. نفس المخطط الذى جعل اليهود
يستوطنون فلسطين فى البداية فرادى على استحياء
ثم فى غضون نصف قرن يحلون محل الشعب الفلسطينى
كله بعد طرده من بلاده
على مستوى الثقافة حدث نفس الشئ
إذ زرع بين علمائنا وفقهائنا وأدبائنا وشعرائنا
الذين يمثلون ثقافتنا الحقيقية
زرع بينهم من انحرفوا بالفكر العربى والإسلامى عن توجهاته
وسلطت عليهم وسائل الإعلام التى اعتبرتهم رموز التنوير
وشيئا فشيئا بدأ إقصاء المثقفين الحقيقيين لينتهى الأمر الآن
فى معظم عالمنا الإسلامى إلى دمغ اتجاههم كله
بالظلامية والإرهاب والانغلاق


كل الخيانة قاسية
ومريرة.. مريرة.. مريرة


وللحديث بقية


تحياتي مع خالص المحبة
وإلى أن نلتقى بإذن الله تعالى
أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم عملكم

أقوال وحكم
إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس
فتذكر قدرة الله عليك

مستبده عسل
11-14-2008, 01:53PM
فيصل

كلمة { خيانه } بحد ذاتهااا مؤلمه

مهما اختلف تواجدهااا

الف شكر لك على الطرح الرائع

تقبل مروري

كلــــــــ الحبــــــــ

مذهلـــــــــــــــــة
11-14-2008, 03:05PM
أستذنا الكريم فيصل الحيزان


هذا الموضوع مترامي الاطراف , وهو مع ذلك محبوك بجودة المفهوم المبني على الموضوعية ....


فالانتقال من مفهوم الخيانة إلى الثقافة أمر شاق ومرهق فكريا وحرفيا ...

سوى أنك اسطعت أن تعالج حدة التباعد وتصنع ذلك الاندماج المقرب للمعاني ...


دعنا نتحدث بشكل مباشر عن الجانب الأول في هذا الطرح وهو الخيانة ...جاء في الحديث ( بئس البطانة الخيانة ) أو كما جاء ..


في اعتقادي أنها سبب نفسي " سقوطي " أي خواء ذاتي من القيم يؤدي بشكل كبير إلى التعلق بقشور الاشياء مما ينتج عنه فساد الروح والإحساس بالأشياء وجوهرها .


هذا ولي حديث آخر عن مفوم الثقافة إن شاء الله

كونوا بخير ...

شموخ نجد
11-14-2008, 03:31PM
فخيانة صديق

ألم مروع يمزق القلب ويسحق الروح
ويصم العقل بالعجز عن رؤية ما خلف ظواهر الأمور
وأقسى ما فى وصمته تلك أنها لا تكتفى بزلزلة الماضى
بل تمد الخيانة أذرعها الأخطبوطية كى تحيط
بالمستقبل وتحاصره

الخيانه هي تشتت العلاقات وعندما يمربها الانسان
يفقد الثقه بالجميع لكن عليه الايااس وماتزال الدنيا بخير
اخوي القدير
فيصل الحيزان
موضوع قيم بمايحوي
ابدعت بطرحه ولاتحرمنا قادمك
لك كل الشكروالتقدير
دمت بخيرومحبه

المستشار العاطفي
11-14-2008, 07:26PM
الأخ الاستاذ /

فيصل الحيزان

موضوع مترامي الثقافات والجوانب

نقرأه كموضوع ونقرأ داخله وبين السطور

العديد من المواضيع القيمة

لك مني التحية والتقدير والاحترام

طحتي من عيني
11-14-2008, 08:28PM
الله أكبر

العطاويه
11-14-2008, 08:33PM
عندما قرأت عنوان موضوعك
أحببت أن أسبح معك في غياهب هذا الموضوع الشائك ..
وقد سقطت أحرفي تأن من الألم تعلم بأنها ستبدأ الحديث في بحرٍ أسودٍ معتم
) الخيـــــــانة (
^
^ ^
حتى الأقواس أبت أن تضم هذه الكلمــــة
فهي صفةٌ منبوذة من كل الأديان والأعراف ولو عكست كتابتها لوجدتها ( هنا يخلا )
نعم يخلا القلب من الحب والصدق والوفاء معلناً تمرده على الإنسانية بصفة عامة
ومن خان صديق أو حبيب أو أخ أو جار أو وطن فقد خان نفسه قبل كل شي
فما أقذر تلك الكلمة ..


أخي فيصل موضوع شيق
وطرح شامل ورائع
سلمت يداك
وأتمنـى أن لا تمر الخيانة على كل مسلم

تقبل تحيتي ودمت بالخير

\
\


العطـــــاويه

فيصل الحيزان
11-15-2008, 04:17PM
شاكر لهذه الاقلام الراقية هذه المداخلات والتي اثرت متصفحي
تقبلوا تحياتي